فصل في الصيال وهو الاستطالة والوثوب على الغير (يجوز) للشخص (دفع) كل (صائل)، مسلم وكافر، مكلف وغيره (على معصوم) من نفس أو طرف أو منفعة أو بضع ومقدماته كتقبيل ومعانقة، أو مال وإن لم يتمول على ما
ـــــــــــــــــــــــــــــ
فصل في الصيال أي في بيان حكمه: أي وفي بيان حكم الختان وإتلاف البهائم.
فهذا الفصل معقود لذلك كله - كما ستقف عليه - وإنما ذكر عقب التعزير لانه يناسبه في مطلق التعدي.
إذ التعزير سببه التعدي على حق الله أو حق عباده.
والاصل في الصيال قبل الإجماع قوله تعالى * (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * وتسمية الثاني إعتداء مشاكلة، وإلا فهو جزاء للاعتداء الاول.
وخبر البخاري أنصر أخاك ظالما أو مظلوما والصائل ظالم ونصره منعه من ظلمه وفي مسند الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه من أذل عنده مسلم فلم ينصره وهو قادر أن ينصره أذله الله تعالى على رؤوس الخلائق يوم القيامة (قوله: وهو) أي الصيام لغة ما ذكر.
وأما شرعا: فهو الوثوب على معصوم بغير حق.
(وقوله: الاستطالة) أي فهو مأخوذ من صال إذا استطال وعطف الوثوب عليها تفسير: أي الهجوم والعدو والقهر (قوله: يجوز للشخص إلخ) أي عند غلبة ظن صياله، فلا يشترط لجواز الدفع تلبس الصائل بصياله حقيقة.
(وقوله: دفع كل صائل) أي ولو آدمية حاملا، فإذا صالت على إنسان، ولم تندفع إلا بقتلها مع حملها، جاز على المعتمد ولا ضمان، وفرق بينها وبين الجانية حيث يؤخر قتلها بأن المعصية هناك قد انقضت، وهنا موجودة مشاهدة حال دفعها، وهي الصيال، وكذا يقال في دفع الهرة الحامل إذا صالت على طعام أو نحوه.
اه.
ش ق (قوله: مسلم إلخ) تعميم في الصائل، وسيأتي التعميم في المصول عليه.
(قوله: مكلف وغيره) تعميم ثان في الصائل أيضا وغير المكلف كصبي ومجنون وبهيمة (قوله: على معصوم) متعلق بصائل.
وخرج غيره، كالحربي والمرتد وتارك الصلاة، بعد أمر الامام، فلا يجوز
للشخص دفع الصائل عنهم، وله دفع مسلم عن ذمي، ووالد عن ولده، وسيد عن عبده، لانهم معصومون (قوله: من نفس إلخ) بيان للمعصوم: أي المصول عليه، وهو كالتعميم: أي لا فرق في المصول عليه بين أن يكون نفسا، أو طرفا، أو منفعة، أو بضعا، أو غير ذلك.
قال في النهاية: فإن وقع صيال على الجميع في زمن واحد ولم يمكن إلا دفع واحد فواحدة قدم النفس ومن يسري إليها كالجرح فالبضع، فالمال الخطير فالحقير، أو وقع الصيال على صبي يلاط به، أو امرأة يزني بها، قدم الدفع عنها كما هو أوجه احتمالين، واقتضاه كلامهم، لان حد الزنا مجمع عليه ولما يخشى من اختلاف الانساب المنظور له شرعا.
اه.
وقال ابن حجر: في الصورة الأخيرة يقدم الدفع عن الصبي الملوط به، لان اللواط لا طريق إلى حله.
وقال الخطيب: يتخير بينهما التعارض المعنيين (قوله: أو طرف) - بفتحتين - العضو كما مر (قوله: أو منفعة) إن كان المراد منفعة الطرف، فلا حاجة إلى ذكرها، لأنه يلزم من إبطاله إبطالها - كما قاله سم - وإن كان المراد منفعة دار، أو دابة مثلا بأن يسكن الاولى، ويركب الثانية، فظاهر ولا يغني عنه ما قبله ولا يقال إن منفعة ما ذكر داخلة في مال لأنا نقول هي لا تسمى مالا في العرف، وإن قوبلت بمال (قوله: أو بضع) بوزن قفل: أي قبلا كان أو دبرا،