والافيون ويكره أكل يسير منها من غير قصد المداومة، ويباح لحاجة التداوي (أربعين) جلدة (إن كان حرا) ففي مسلم عن أنس: كان (ص) يضرب في الخمر بالجريد والنعال أربعين جلدة وخرج بالحر الرقيق ولو مبعضا، فيجلد عشرين جلدة، وإنما يجلد الامام شارب الخمر إن ثبت (بإقراره أو شهادة رجلين) لا بريح خمر وهيئة
سكر وقئ وحد عثمان رضي الله عنه بالقئ اجتهاد له.
ويحد الرقيق أيضا بعلم السيد دون غيره.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
واعلم: أن العلماء قد ذكروا في مضار الحشيشة نحو مائة وعشرين مضرة دينية ودنيوية: منها أنها تورث النسيان والصداع وفساد العقل والسل والاستسقاء والجذام والبرص وسائر الامراض وإفشاء السر وإنشاء الشر وذهاب الحياء وعدم المروءة وغير ذلك، ومن أعظم قبائحها أنها تنسي الشهادة عند الموت، وجميع قبائحها موجود في الافيون والبنج ونحوهما.
ويزيد الافيون بأن فيه تغيير الخلقة، كما هو مشاهد من أحوال من يتعاطاه، وما أحسن ما قيل في الحشيشة: قل لمن يأكل الحشيشة جهلايا خسيسا قد عشت شر معيشه دية العقل بدرة فلماذا يا سفيها قد بعتها بحشيشة؟ والبدرة كما في القاموس كيس فيه ألف أو عشرة آلاف درهم أو سبعة آلاف درهم (قوله: ويكره أكل يسير منها) أي من هذه الثلاثة، والمراد باليسير أن لا يؤثر في العقل، ولو تخديرا وفتورا، وبالكثير ما يؤثر فيه كذلك، فيجوز تعاطي القليل مع الكراهة، ولا يحرم، ولكن يجب كتمه على العوام لئلا يتعاطوا كثيره ويعتقدوا أنه قليل، وقوله من غير قصد المداومة: مفهومه أنه إذا تعاطاه مع قصدها حرم.
فانظره (قوله: ويباح) أي أكل ما ذكر من الثلاثة (قوله: لحاجة التداوي) مطلقا سواء كان كثيرا أم قليلا وإن كان ظاهر عبارته أنه مختص بالقليل.
قال في الروض وشرحه.
فرع: مزيل العقل من غير الاشربة كالبنج والحشيشة حرام لازالته العقل لا حد فيه لأنه لا يلذ ولا يطرب ولا يدعو قليله إلى كثيره بل فيه التعزير، وله تناوله ليزيل عقله لقطع عضو متأكل.
اه.
(قوله: أربعين جلدة) مفعول مطلق لقوله ويجلد: أي يجلده الإمام أو نائبه جلدات أربعين، وذهبت الائمة الثلاثة إلى أنها ثمانون، ويجب توالي الضربات ليحصل الزجر والتنكيل فلا يجوز أن يفرق على الايام والساعات لعدم حصول الايلام المقصود من الحدود، والضابط أنه إن تخلل زمن يزول فيه الالم الاول لم يكف على الاصح، ويحد الذكر قائما والانثى جالسة ويجعل عند المرأة محرم أو امرأة تلف عليها ثيابها إذا انكشفت ويجعل عند الخنثى محرم لا رجل أجنبي ولا امرأة أجنبية، ويكفي الحد المذكور ولو تعدد الشرب مرارا كثيرة قبل الحد وحديث الامر بقتل الشارب في المرة الرابعة منسوخ بالاجماع (قوله: إن كان حرا) سيأتي محترزه (قوله: ففي مسلم الخ) دليل على أنها أربعون (قوله: يضرب في الخمر) أي في شربه (قوله: أربعين) أي في غالب أحواله - صلى الله عليه وسلم -، وإلا فقد جلد ثمانين كما في جامع عبد الرزاق.
اه.
ح ل (قوله: فيجلد عشرين جلدة) أي لانه حد يتبعض فتنصف على الرقيق كحد الزنا (قوله: وإنما يجلد الامام إلخ) دخول على المتن (قوله: أن ثبت) أي شربه الخمر، وقوله بإقراره أو شهادة رجلين: أي لأن كلا من الاقرار وشهادة من ذكر حجة شرعية، ولا يشترط فيهما تفصيل، بل
يكفي الاطلاق في إقراره من شخص بأنه شرب خمرا وفي شهادة بشرب مسكر بأنه شرب فلان خمرا، ولا يحتاج أن يقول وهو مختار عالم لأن الأصل عدم الاكراه والغالب من حال الشارب علمه بما يشربه، فنزل الاقرار والشهادة عليه (قوله: لا بريح إلخ) أي لا يثبت شرب الخمر بريح خمر وهيئة سكر وقئ لاحتمال أن يكون شرب غالطا أو مكرها، والحد يدرأ بالشبهة، وكذلك لا يثبت برجل وامرأتين لان البينة ناقصة والاصل براءة الذمة.
وكتب سم على قول التحفة وهيئة سكر وما نصه تقدير هيئة الظاهر أنه غير ضروري.
اه.
(قوله: وحد عثمان) مبتدأ خبره اجتهاد له وقوله بالقئ متعلق بحد، وقوله اجتهاد له أي لسيدنا عثمان رضي الله عنه: أي فقد أثبت رضي الله عنه الحد لشارب الخمر بالقئ (قوله: ويحد الرقيق