. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ـــــــــــــــــــــــــــــ

موضع واحد، فإن شربه يفر منه مفرة لم يعد إليه أربعين صباحا، فإن تاب تاب الله عليه وسلب من عقله شيئا لا يرده عليه إلى يوم القيامة.

واعلم: أن في شربها عشر خصال مذمومة تقع له في الدنيا: أولها إذا شربها يصير بمنزلة المجنون ويصير مضحكة للصبيان ومذموما عند العقلاء، وإلى هذا أشار ابن الوردي بقوله: واهجر الخمرة إن كنت فتى كيف يسعى في جنون من عقل؟ ثانيها: أنها مذهبة للعقل متلفة للمال.

ثالثها: أن شربها سبب للعداوة بين الاخوان والاصدقاء.

رابعها: أن شربها

يمنع من ذكر الله ومن الصلاة.

وخامسها: أن شربها يحمل على الزنا وعلى طلاق امرأته وهو لا يدري.

سادسها: أنها مفتاك كل شر.

سابعها أن شربها يؤذي الحفظة الكرام بالرائحة الكريهة.

ثامنها: أن شاربها أوجب على نفسه أربعين جلدة، فإن لم يضرب في الدنيا ضرب في الآخرة بسياط من نار على رؤوس الأشهاد والناس ينظرون إليه والآباء والاصدقاء.

تاسعها: أنه أغلق باب السماء على نفسه فلا ترفع حسناته ولا دعاؤه أربعين يوما.

عاشرها: أنه مخاطر بنفسه لانه يخاف عليه أن ينزع الايمان منه عند موته.

وأما العقوبات التي في الآخرة فلا تحصى: كشرب الحميم، والزقوم، وفوت الثواب، وغير ذلك.

واعلم: أن الخمرة كان شربها جائزا في صدر الإسلام، ثم حصل التحريم بعد ذلك في السنة الثالثة من الهجرة بعد أحد، وفي تفسير البغوي ما نصه: وجملة القول على تحريم الخمر أن الله أنزل في الخمر أربع آيات نزلت بمكة وهي: * (من ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا) * فكان المسلمون يشربونها، وهي لهم حلال يومئذ.

ثم أن عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وجماعة من الانصار أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله أفتنا في الخمر والميسر فإنهما مذهبة للعقل مسلبة للمال، فأنزل الله تعالى: * (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) * إلى أن صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما فدعا أناسا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتاهم بخمر فشربوا وسكروا وحضرت صلاة المغرب وتقدم بعضهم ليصلي فقرأ: * (قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ما تعبدون) * بحذف لا النافية، فأنزل الله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) * فحرم السكر في أوقات الصلاة.

فلما نزلت هذه الآية تركها قوم وقالوا لا خير في شئ يحول بيننا وبين الصلاة، وتركها قوم في أوقات الصلاة وشربوها في غير أوقاتها حتى كان الرجل يشرب بعد صلاة العشاء فيصبح وقد زال عنه السكر ويشرب بعد صلاة الصبح فيصحو إذا جاء وقت الظهر.

واتخذ عتبان بن مالك طعاما ودعا رجالا من المسلمين فيهم سعد بن أبي وقاص وكان قد شوى لهم رأس بعير فأكلوا وشربوا الخمر حتى أخذت منهم، ثم إنهم افتخروا عند عتبان وانتسبوا وتناشدوا الاشعار، فأنشد سعد قصيدة فيها هجو للانصار وفخر لقومه، فأخر رجل من الانصار لحي البعير فضرب به رأس سعد فشجه شجة موضحة، فانطلق سعد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشكا إليه الانصار فقال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فأنزل الله تعالى تحريم الخمر في سورة المائدة في قوله تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر) * إلى قوله * (فهل أنتم منتهون) * وذلك بعد غزوة الاحزاب بأيام فقال عمر انتهينا يا رب.

اه.

(قوله: ويجلد) أي بسوط أو

عصا معتدلة أو نعل أو أطراف ثياب لما روى الشيخان أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يضرب بالجريد والنعال وفي البخاري عن أبي هريرة أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بسكران فأمر بضربه: فمنا من ضرب بيده، ومنا من ضرب بنعله، ومنا من ضرب بثوبه.

ويفرق الضارب الضرب على الاعضاء فلا يجمعه في موضع واحد لانه قد يؤدي إلى الهلاك، ويجتنب المقاتل، وهي المواضع التي يسرع الضرب فيها إلى القتل: كالقلب ونقرة النحر والفرج، ويجتنب الوجه أيضا لقوله - صلى الله عليه وسلم -: إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه ولانه مجمع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015