تتمة: يجب عند هيجان البحر وخوف الغرق إلقاء غير الحيوان من المتاع لسلامة حيوان محترم وإلقاء الدواب لسلامة الآدمي المحترم إن تعين لدفع الغرق وإن لم يأذن المالك.
أما المهدر، كحربي وزان محصن، فلا يلقى لاجله مال مطلقا، بل ينبغي أن يلقى هو لاجل المال، كما قاله شيخنا، ويحرم إلقاء العبيد للاحرار والدواب لما لا روح له، ويضمن ما ألقاه بلا إذن مالكه، ولو قال لرجل ألق متاع زيد وعلي ضمانه إن طالبك ففعل ضمنه الملقى - لا الآمر -.
ـــــــــــــــــــــــــــــ
يراه.
(قوله تتمة) أي في حكم ما يلقى في البحر إذا أشرفت السفينة على الغرق من جواز الالقاء أو وجوبه.
وحاصل الكلام على ذلك أنه إذا أشرفت سفينة فيها متاع وركاب على غرق وخيف غرقها بما فيها يجوز طرح متاعها عند توهم النجاة بأن اشتد الامر وقرب اليأس ولم يفد الالقاء إلا على ندور أو عند غلبة ظن النجاة بأن لم يخش من عدم الطرح إلا نوع خوف غير قوي حفظا للروح، ويجب طرح ذلك عند ظن النجاة مع قوة الخوف لو لم يطرح، وينبغي للمالك، إذا تولى، الالقاء بنفسه أو غيره بإذنه العام له تقديم الاخف قيمة من المتاع والحيوان حفظا للمال حسب الامكان، فإن لم يلق من وجب عليه الالقاء حتى حصل الغرق وهلك به شئ أثم ولا ضمان (قوله: يجب عند هيجان البحر) أي شدة اضطرابه بسبب كثرة الامواج فيه وتعرض المؤلف لحالة الوجوب ولم يتعرض لحالة الجواز، وقد علمتها في الحاصل المار (قوله: وخوف الغرق) أي خوفا قويا بحيث يغلب الهلاك لو لم يطرح وإلا فلا يجب كما علمت (قوله: إلقاء) فاعل يجب (قوله: من المتاع) بيان لغير الحيوان (قوله: لسلامة الخ) علة لوجوب إلقاء غير حيوان: أي يجب الالقاء لاجل سلامة حيوان محترم ولو كلبا (قوله: وإلقاء الدواب الخ) معطوف على إلقاء غير الحيوان أي ويجب إلقاء الدواب لاجل سلامة الآدمي المحترم (قوله: إن تعين) أي إلقاء الدواب بأن لم يمكن في دفع الغرق غيره، فإن أمكن غيره في دفع الغرق لم يجب بل لا يجوز أفاده في الروض وشرحه.
وقوله لدفع الغرق: أي غرق الآدمي المحترم (قوله: وإن لم يأذن المالك) غاية لوجوب الالقاء في الصورتين: أي يجب إلقاء ما ذكر من المتاع أو الدواب سواء أذن المالك لهما فيه أو لم يأذن لكنه يضمن الملقى فيما إذا كان بغير الاذن كما سيصرح به، (قوله: أما المهدر) مفهوم محترم الذي هو قيد في الحيوان في الآدمي (قوله: كحربي) أي وككلب عقور وتارك الصلاة بعد أمر الامام وقاطع الطريق (قوله: فلا يلقى) أي في البحر،
وقوله لأجله.
أي المهدر وقوله مال مطلقا: أي سواء كان متاعا أو دواب (قوله: بل ينبغي أن يلقي هو) أي المهدر.
قال في التحفة: ويؤيده بحث الأذرعي أنه لو كان، ثم أسرى وظهر للامام المصلحة في قتلهم بدأ بهم قبل المال اه.
(وقوله: بدأ بهم) أي في إلقائهم في البحر قبل المال (قوله: لاجل المال) أي سلامته (قوله: ويحرم إلقاء العبيد للاحرار) أي لسلامة الاحرار، وكذلك يحرم إلقاء كافر لمسلم وجاهل لعالم متبحر ولو انفرد وغير شريف لشريف لاشتراك الجميع في أصل التكريم وإن تفاوتوا في الصفات، وحينئذ فيبقون كلهم، فإما أن يغرقوا كلهم، أو يسلموا كلهم (قوله: والدواب الخ) أي ويحرم إلقاء الدواب لاجل سلامة ما لا روح له من الامتعة (قوله: ويضمن ما ألقاه) أي من غير الحيوان لاجل سلامة الحيوان المحترم ومن الدواب لاجل سلامة الآدمي المحترم، ولا ينافي الضمان عدم الاثم في الالقاء لانه واجب مطلقا، كما صرح به، لان الاثم وعدمه يتسامح فيهما ما لا يتسامح في الضمان لأن من باب خطاب الوضع (قوله: ولو قال) أي شخص من ركاب السفينة، (وقوله: لآخر) أي شخص آخر غير المالك، (وقوله: ألق الخ) الجملة مقول القول، وقوله متاع زيد: خرج به ما لو قال له ألق متاعك وعلي ضمانه فألقاه لزم الآمر ضمانه وإن لم يكن له في السفينة شئ ولم تحصل النجاة لأنه التمس إتلافا لغرض صحيح بعوض فصار كقوله أعتق عبدك عني بكذا فأعتق، بخلاف ما لو اقتصر على قوله ألق متاعك ففعل فلا ضمان، ويشترط لضمان الآمر شرطان: أن يخاف الغرق، وأن لا يختص مالكه بفائدة الالقاء بأن يختص بها الملتمس أو أجنبي أو أحدهما مع المالك (قوله: ضمنه الملقى) أي لانه المباشر للاتلاف.
قال في التحفة: نعم إن كان المأمور أعجميا يعتقد وجوب طاعة آمره ضمن الامر لان ذلك آلة له.
اه.