المتلفات (و) دية (غيره) من شبه عمد وخطأ وإن تثلثت (على عاقلة) للجاني (مؤجلة بثلاث سنين) على الغني منهم نصف دينار والمتوسط ربع كل سنة، فإن لم يفوا فمن بيت المال فإن تعذر فعلى الجاني لخبر الصحيحين، والمعنى في كون الدية على العاقلة فيهما أن القبائل في الجاهلية كانوا يقومون بنصرة الجاني منهم ويمنعون أولياء الدم أخذ حقهم، فأبدل الشرع تلك النصرة ببذل المال وخص تحملهم بالخطأ وشبه العمد لانهما مما يكثر لاسيما في متعاطي الاسلحة فحسنت إعانته لئلا يتضرر بما هو معذور فيه وأجلت الدية عليهم رفقا بهم.
وعاقلة الجاني عصباته المجمع على إرثهم بنسب أو ولاء إذا كانوا ذكورا مكلفين غير أصل وفرع، ويقدم منهم
ـــــــــــــــــــــــــــــ
معجلة) أي حالة بالنصب حال من الضمير المستتر في الخبر، ويحتمل أن يكون بالرفع خبرا والجار والمجرور قبله متعلق به (قوله: كسائر أبدال المتلفات) أي فإنها معجلة على من أتلفها (قوله: ودية غيره) أي غير العمد، (وقوله: من شبه الخ) بيان للغير، (وقوله: وإن تثلثت) أي دية الخطأ بأن وقع في المواضع الثلاثة المتقدمة (قوله: على عاقلة) جمع عاقل على غير قياس سميت بذلك لعقلهم الابل بفناء دار المستحق، وقيل لتحملهم عن الجاني العقل: أي الدية (قوله: مؤجلة بثلاث سنين) قال في شرح المنهج: والظاهر تساوي الثلاث في القسمة وأن كل ثلث آخر سنته.
اه.
وما ذكر من تأجيلها ثلاث سنين محله في حق دية نفس كاملة بإسلام وحرية وذكورة، فإن كانت غير كاملة بأن كان المقتول كافرا معصوما فتؤجل ديته بسنة أو كان رقيقا، فإن كانت قيمته قدر دية نفس كاملة فتؤجل ثلاث سنين في آخر كل سنة قدر ثلث الدية، وإن زادت على ذلك يزاد في التأجيل.
والحاصل التأجيل في الرقيق بحسب قيمته ولا يتقدر بثلاث سنين، بل قد يزيد عليها وقد ينقص عنها، أو كان غير ذكر بأن كان أنثى أو خنثى فديته تؤجل سنتين: يؤخذ في السنة الأولى قدر ثلث دية النفس الكاملة وهو ثلاث وثلاثون وثلث، وفي السنة الثانية الباقي وهو سدس.
(قوله: على الغني منهم) أي من العاقلة، وهو هنا من يملك زائدا على كفاية ممونه بقية العمر الغالب عشرين دينارا، (وقوله: نصف دينار) مبتدأ خبره الجار والمجرور قبله، (وقوله: والمتوسط) أي وعلى المتوسط منهم ربع دينار، وهو هنا من يملك زائدا على ذلك أقل من عشرين دينارا وفوق ربع دينار، ويعتبر الغني وغيره آخر السنة (قوله: كل سنة) ظرف متعلق بما تعلق به الجار والمجرور قبله: أي نصف دينار كائن على الغني في كل سنة وربع دينار كائن على المتوسط في كل سنة (قوله: فإن لم يفوا) أي العاقلة بالواجب، (وقوله: فمن بيت المال) أي فيوفي من بيت المال، (وقوله: فإن تعذر) أي بيت المال بأن كان غير منتظم، (وقوله: فعلى الجاني) أي فباقي الدية
يكون على الجاني (قوله: لخبر الصحيحين) دليل على كون دية غير العمد تكون على العاقلة، ولفظ الخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأتين اقتتلتا فحذفت إحداهما الاخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن دية جنينها غرة عبد أو أمة وقضى بدية المرأة على عاقلتها وفي رواية وأن العقل على عصبتها وفي رواية لأبي داود وبرأ الولد أي من العقل (قوله: والمعنى في كون الخ) أي والحكمة في ذلك، (وقوله: فيهما) أي شبه العمد والخطأ (قوله: أن القبائل في الجاهلية) أي قبل الاسلام، (وقوله: كانوا الخ) خبر أن (وقوله: بنصرة الجاني منهم) أي من القبائل، والمراد كل قبيلة تنصر الجاني.
منها (قوله: ويمنعون) أي القبائل، (وقوله: أولياء الدم) أي المستحقين، (وقوله: أخذ حقهم) أي استيفاء القصاص (قوله: فأبدل الشرع الخ) أي جعل الشرع بدل تلك النصرة والحمية من منعهم أولياء الدم حقهم بذل المال: أي دفع المال لاولياء الدم (قوله: وخص تحملهم) أي لعاقلة للدية، (وقوله: بالخطأ وشبه العمد) متعلق بخص: أي خص بهما.
(وقوله: لانهما) أي الخطأ وشبه العمد، (وقوله: مما يكثر) أي وقوعه (قوله: فحسنت إعانته) أي الجاني فيهما.
(وقوله: لئلا يتضرر) أي الجاني وهو تعليل لحسن إعانته، (وقوله: بما هو معذور فيه) أي من الخطأ أو شبهه (قوله: وأجلت الدية عليهم) أي على العاقلة (قوله: رفقا بهم) أي بالعاقلة، وهو علة لجعل الدية مؤجلة عليهم (قوله: وعاقلة إلخ) بيان لضابط العاقلة التي تتحمل الدية (قوله: المجمع على إرثهم) خرج به ذو الارحام فلا