موسر وشرط الاكراه قدرة المكره على تحقيق ما هدد به عاجلا بولاية أو تغلب وعجز المكره عن دفعه بفرار أو استغاثة وظنه أنه إن امتنع فعل ما خوفه به ناجزا فلا يتحقق العجز بدون اجتماع ذلك كله، ولا يشترط التورية بأن ينوي غير زوجته أو يقول سرا عقبه إن شاء الله، فإذا قصد المكره الايقاع للطلاق وقع، كما إذا أكره بحق: كأن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وشرط الإكراه) أي شروطه، فهو مفرد مضاف، فيعم.
وذكر الشارح منها ثلاثة شروط، وبقي منها أن لا ينوي وقوع الطلاق، وإلا وقع، لأن صريح الطلاق في حقه كناية، وسيصرح الشارح بمفهوم هذا الشرط بقوله فإذا قصد المكره الخ، وأن لا يظهر منه قرينة اختيار.
فإن ظهرت منه وقع عليه الطلاق، وذلك بأن أكرهه شخص على طلاق بثلاث فطلق واحدة أو اثنتين أو على طلقة فطلق اثنتين أو ثلاثا، أو على مطلق طلاق فطلق واحدة أو اثنتين أو ثلاثا، أو على طلاق إحدى زوجتيه على الإبهام فعين واحدة منهما أو على طلاق معينة فأبهم أو على الطلاق بصيغة من صريح أو كناية أو تنجيز أو تعليق فأتى بضدها ففي جميعها يقع عليه الطلاق لأن مخالفته تشعر باختياره لما أتى به فلا إكراه.
فإن قلت: حيث كان يقع في جميع هذه الصور: فما صورة الطلاق الذي لم يقع؟.
قلت: صورته أن يكره على أصل الطلاق فيأتي به فقط كأن يقول طلقتها أو يسأله فيقول له: أطلق ثلاثا أو اثنتين فإذا
عين له شيئا أتى بما عينه له ولا يتجاوزه،.
وإن لم يعين شيئا اقتصر على أصل الطلاق.
وقال بعضهم: يشترط أن يسأله ما ذكر (قوله: قدرة المكره) بكسر الراء (قوله: على تحقيق ما هدد به) أي على إيجاد المحذور الذي خوف المكره به: وقوله عاجلا: قيد سيأتي محترزه (قوله: بولاية) أي بسبب ولاية، وهو متعلق بقدرة: أي قدرته عليه بسبب أنه وال.
وقوله أو تغلب: أي بسببه كأن تغلب ذو شوكة على بلدة وأكرهه على طلاق زوجته (قوله: وعجز المكره) بفتح الراء، وهو معطوف على قدرة.
وقوله: عن دفعه: أي المكره بكسر الراء.
وقوله: بقرار الخ، متعلق بدفع: أي عجزه عن أن يدفع المكره - بكسر الراء - الفرار أو الإستغاثة: أي طلب الغوث ممن يخلصه منه: أي ونحو ذلك كالتحصن بحصن يمنعه منه (قوله: وظنه) بالرفع عطف على قدرة: أي وشرط ظنه - أي المكره بفتح الراء، وكذا الضمير في أنه وفي امتنع، والضمير البارز في خوفه.
وأما ضمير فعل وضمير خوف المستتر فهو يعود على المكره - بكسر الراء - وضمير به يعود على ما.
وفي المغنى: تنبيه: تعييره بالظن يقتضي أنه لا يشترط تحققه وهو الأصح.
اه.
(قوله: فلا يتحقق العجز) أي دفع المكره بكسر الراء (قوله: بدون اجتماع ذلك كله) أي قدرة المكره على ما هدد به وعجز المكره عن الدفع بكل شئ يمكنه وظنه ما ذكر (قوله: ولا يشترط التورية) أي في عدم وقوع طلاق المكره، فلا يقع وإن لم يور.
قال في شرح الروض: والتورية من وريت الخبر تورية أي سترته وأظهرت غيره، مأخوذ من وراء الإنسان: كأنه يجعله وراءه حيث لا يظهر ذكره الجوهري.
قال النووي في أذكاره: ومعناها أن تطلق لفظا هو ظاهر في معنى وتريد به معنى آخر يتناوله ذلك اللفظ ولكنه خلاف ظاهره.
اه (قوله: بأن ينوي غير زوجته) تصوير للتورية: أي كأن يريد بقوله طلقت فاطمة غير زوجته، وعبارة المغني مع الأصل: ولا تشترط بأن كان ينوي بقوله: طلقت زينب مثلا غيرها: أي غير زوجته أو ينوي بالطلاق حل الوثاق.
اه (قوله: أو يقول سرا عقبه) أي الطلاق إن شاء الله: أي ويكون قاصدا به التعليق.
وفي المغني أيضا: وعبارة الروضة وأصلها أو قال في نفسه إن شاء الله.
فإن قيل: لا أثر للتعليق بمشيئة الله تعالى بمجرد النية لا ظاهرا ولا باطنا، بل لا بد من التلفظ به.
أجيب: بأن المراد بقوله في نفسه تلفظه بمشيئة الله سرا بحيث لم يسمعه المكره، لا أنه نواه أو إن ما ذكر من اشتراط التلفظ بالتعليق بمشيئة الله تعالى محله في غير المكره.
أما هو فيكفي بقلبه - كما نقله الأذرعي عن القاضي حسين عن الأصحاب - وهي فائدة حسنة (قوله: فإذا قصد الخ) مفهوم شرط مطوي، وهو أن لا ينوي إيقاع الطلاق كما
تقدم التنبيه عليه آنفا (قوله: كما إذا أكره بحق) أي فإنه يقع عليه وهو محترز قوله بغير حق وكان عليه أن يقول كعادته.