سَقَط النصِيف ولم تُرِدْ إِسقاطه ... فَتَنَاوَلَتْهُ، وأتَّقَتْنا بالْيَدِ (?)
أي تناولته بيدٍ، واتقتنا فسترت وجهها باليد الأخرى.
ومن هنا قال تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}، ولم يقل: (إلا ما أظهرنه)؛ لأن (أظهر) في معنى التعمد، بخلاف (ظهر) أي من غير قصد منها فهذا مَعفُوٌّ عنه، لا ما تظهره هي بقصد، فعليها حرج في تعمد ذلك، وكثيراً ما يصادف الرجل المرأة وهي غافلة، فيرى وجهها أو غيره من أطرافها، فأمره الشارع حينئدٍ بصرف بصره عنها كما في حديث جرير بن عبد اللَّه - رضي الله عنه -، قال: «سألت رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة، فأمرني أن أصرف بصري» (?)، فهذا هو موقع نظر الفجأة، وفي سؤال جرير عن نظر الفجأة دليل على مشروعية استتار النساء عن الرجال الأجانب، وتغطية وجوههن عنهم، وإلا لكان سؤاله عن نظر الفجأة لغوًا لا معنى له، ولا فائدة من ذكره.
الوجه الثالث: «عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أذن لأزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج في آخر حجة حجها، وبعث معهن عثمان بن عفان - رضي الله عنه -، وعبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه -، قال: فكان عثمان ينادي: ألا لا يدنُ إليهن أحد، ولا ينظر إليهن أحد، وهن في الهوادجِ على الإبل، فإذا نزلن أنزلهن بصدر الشِّعب،