فإذا عدَّ القدمين عورة، وأذن لها في الإسبال كي لا تنكشف القدمان، وأمر بعدم الضرب بالأرجل حتى لا يسمع صوت الخلاخل، أو تظهر الزينة الخفية، فإن أمره بتغطية الوجه الذي هو مجمع الحُسْن والفتنة أولى.

فهذا من باب «التنبيه بالأدنى على ما فوقه، وما هو أولى منه بالحكم»، وحكمة الشرع تأبى أن يجب ستر ما هو أقل فتنة، ويرخص كشف ما هو أعظم منه فتنة؛ فإن هذا من التناقض المستحيل على حكمة اللَّه وشرعه.

وأخيرًا: «فإن هذا الحديث لو سلَّمنا صلاحيته للاحتجاج فهو حجة على أهل السفور؛ وذلك لأن هذا نص يقضي بأن المرأة إذا بلغت المحيض لا يجوز لها أن تكشف غير الوجه والكفين أمام أحدٍ كائنًا من كان، أباً أو أخاً أو ابناً، أو عماً، أو غيرهم، ومعلوم أن اللَّه قد أذن للمرأة في إبداء الزينة أمام المحارم، ومنع عنه أمام الأجانب، فما هي الزينة التي تبديها أمام المحارم، ولا تبديها أمام الأجانب؟ وبتعبير آخر: لما جاز لها كشف وجهها وكفيها أمام الأجانب، ولم يجز لها كشف شيء من أعضائها سوى الوجه والكفين أمام المحارم، فأي فرق يبقى بين المحارم والأجانب؟ مع أن القرآن ينص على الفرق بينهما في صراحة باتة، فتفكَّر!، ولو قيل: إن هذا نص يجري فيه التخصيص من نصوص أخرى، قلنا: فما لناحيةِ الحجابِ والسفور لا يجري فيها التخصيص

طور بواسطة نورين ميديا © 2015