أمر خاص برب العباد، فتكوين أسباب المؤاخذة من عدمها له وحده، ورسم الحدود وتشريع الأوامر والنواهي في كل شأن من صفاته تعالى، قال عز وجل: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} 1 أما نسبة التحليل والتحريم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبمعنى أن قوله صلى الله عليه وسلم أمارة قطيعة تدل على تحليل الله وتحريمه، إذ هو المبلغ عن الله عز وجل قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} 2وهو الصادق الأمين خياله قال تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى. إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} 3ونسبة التحليل والتحريم إلى العلماء المجتهدين من أمته صلى الله عليه وسلم تكون بمعنى روايتهم ذلك عن الشرع، وأخذ الحكم من نص الشارع الحكيم، أو استنباطه من كلامه صلى الله عليه وسلم. ومما يجب التنبيه إليه أن الله عز وجل إذا بعث رسولاً، وأيد صدقه بالمعجزات والآيات البينات، وأحل على لسانه بعض ما كان محرماً عند قوم. وحصل من بعض الناس تردد وإحجام عن قبول ما أحلّ، وأصبحت نفسه تميل إلى التحريم، لما كان عليه من الحرمة فلا يخلو هذا المتردد من أحد أمرين:
الأول: أن يكون ما حصل منه تردداً في ثبوت هذه الشريعة فهو كافر بالنبي صلى الله عليه وسلم قال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} 4.
الثاني: أن يكون صدور ذلك منه لاعتقاد وقوع التحريم الأول تحريماً لا يحتمل النسخ، لأنه يعتقد أن الذي حرم ذلك، قد خلع الله عليه خلعة الألوهية، أو صار فانيا في الله عز وجل، أو غير ذلك من الاعتقادات الباطلة، فذلك مشرك بالله عز وجل. إذ أشرك مع الله غيره في هذا الأمر، وأثبت للغير غضباً ورضاً مقدسين، وتحليلاً وتحريماَ مقدسين. وتعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
4- أنهم كانوا يتقربون إلى الأصنام والنجوم، إما بإهلال بأسمائهم عند الذبح، وإما بالذبح على الأنصاب المخصوصة لهم، فحرم الله عز وجل ذلك قال تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا