يضل سالكه، ولا يهتدي تاركه، فاتبعوه وحده، ولا تتبعوا الطرق التي تخالفه، فتذهب بكم فتصبحوا فرقاً ضالة تنتهي إلى الهلكة والضياع، فما بعد الحق إلا الضلال، ومن ترك النور عاش في الظلمات، لأن ما بعث الله به رسله من نوح أول الرسل إلى خاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم هو الحق، وهو لا يتعدد، فالطريق الموصل إلى الله عز وجل واحد ما بعث به رسله وأنزل به كتبه، لا يصل إلى الله أحد إلا من هذه الطريق، ولو أتى الناس من كل طريق واستفتحوا من كل باب، فالطريق عليهم مسدودة، والأبواب عليهم مغلقة إلا من هذا الطريق الواحد، فإنه متصل بالله، موصل إلى الله1. وتأكيداً لما سبق بيانه جاءت السنة النبوية تزيد الأمر شرحاً وتجليه بالرسم البياني بعد بيان القول يقول ابن ماجه رحمه الله:

حدثنا أبو سعيد، عبد الله بن سعيد2، ثنا أبو خالد الأحمر3 قال: سمعت مجالداً4 يذكر عن الشعبي 5، عن جابر بن عبد الله قال:

"كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فخط خطاً، وخط خطين عن يمينه، وخطين عن يساره6، ثم وضع يده في الخط الأوسط فقال: هذا سبيل الله 7، ثم تلا هذه الآية {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} 8". فالسبل التي حذر الله عز وجل منها ونبه إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الوسيلة الإيضاحية زيادة في تحذير الأمة من الزيغ واتباع الهوى، وتلك السبل تعم اليهودية، والنصرانية، والمجوسية، وسائر أهل الملل، وجميع أصحاب البدع والضلالات، من أهل الأهواء، والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل، والخوض في الكلام9. هذه كلها عرضة للزلل، ومظنة لسوء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015