الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 1.

وهو سبحانه مع عباده جميعًا بعلمه وإحاطته: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَمَا كُنْتُمْ} 2, مع المؤمنين خاصة بتأييده ومعونته {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} 3.

والكون كله صامته وناطقه، أحياؤه وجماده، ناطق بعظمة الله ومنقاد لأمره، ومسبح بحمده {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} 4، {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ} 5.

وأود أن أشير هنا إلى ما ذكره الأستاذ أبو الأعلى المودودي في أن الإنسان يكون على أربع درجات باعتبار الإيمان والإسلام:

1- الذين يؤمنون إيمانا يجعلهم مطيعين له. متبعين لأحكامه اتباعًا كاملًا، يحذرون ما قد نهى عنه، كما يحذر الإنسان الإمساك بجمرة متقدة من النار في يده. ويسارعون إلى العمل بما فيه رضاه، كما يسرع الإنسان إلى كسب الأموال فهؤلاء هم المؤمنون حقًّا.

2- الذين يؤمنون بالله، ولكن لا يجعلهم إيمانهم مطيعين له، متبعين لأحكامه اتباعًا كاملًا. فهؤلاء وإن كان إيمانهم لم يبلغ درجة الكمال ولكنهم مسلمون على كل حال. يعاقبون بقدر معصيتهم، كأنهم بمنزلة المجرمين وليسوا بمنزلة البغاة المتمردين. لأنهم يعترفون للملك بملكه ويخضعون لقانونه.

3- الذين لا يؤمنون بالله ولكنك تراهم ظاهرا يأتون بأعمال تشابه أعمال المسلمين، فهم البغاة في حقيقة الأمر. وأما أعمالهم التي تراها صالحة في الظاهر فليست بطاعة لله ولا اتباع لقانونه. فلا عبرة بها ومثلهم كمثل رجل لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015