العقل البشري المخلوق المحدود بمكان وزمان عاجز عن إدراك الأبدي الأزلي الخالق العظيم، ولا عجب، فهناك في عالم المادة أشياء مخلوقة لم يعرف الإنسان كنهها وماهيتها كالمغناطيس والكهرباء، وككثير من الأفلاك السماوية، وعدم المعرفة بذاتها وحقائقها لا تستدعي في إنكار وجودها، بل من الجهل بمكان أن ينكر الإنسان شيئًا لعدم إحاطة حواسه به، إذ إن وجود الشيء لا يتوقف على إدراك حقيقته.
والمعرفة البشرية يمكن أن تتجه إلى آثار الله سبحانه ومخلوقاته التي تحيط بنا أينما نظرنا وكيفما نظرنا، فالأرض والسماء، والأفلاك والنبات، والإنسان والحيوان والماء كل هذه أدلة ناطقة على وجود الله وتفرده بالخلق ووحدانيته بالتصرف.
قال الله تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} 1.
ولا شك أن الفطرة السليمة والعقل الواعي يقف مبهورا أمام كل هذه الآيات، والقرآن الكريم يلفت النفس الإنسانية إلى الدلائل الكونية الثابتة التي تشير إلى قدرة الخالق.
وحدانية الله:
وهو تعالى إله واحد ليس له شريك ولا مثيل في ذاته أو صفاته أو أفعاله سبحانه وتعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} 2، وكل ما في الكون من إبداع ونظام يدل على وحدانية مبدعه ووحدانية مدبره. قال الله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} 3.
{مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا