فالإسلام وحدة لا تنفصم وكل من يفصمه إلى شطرين على هذا النحو، فإنما يخرج من هذه الوحدة أو بتعبير آخر يخرج من هذا الدين. وهذه هي الحقيقة الكبيرة التي يجب أن يلقي باله إليها كل مسلم يريد أن يحقق إسلامه ويريد في الوقت ذاته أن يحقق غاية وجوده الإنساني"1.
ومن الملاحظ أن هناك فئة من المسلمين فصلت الدين عن الدنيا فظنت -خطأ أو غباء- أنها إذا أدت بعض الشعائر الدينية أصبحت مسلمة، ولو تعاملت بالربا ولو انتهكت أعراض المسلمين ولو استولت على أموالهم غصبا وزورا وعدوانا. وهناك فئة أخرى تعتبر نفسها مسلمة إذا صلت أو صامت، وقد تبيح لنفسها أن تخرج عن آداب الإسلام وأخلاقه وعاداته الاجتماعية، فلا تحظر من اختلاط الرجال بالنساء، ولا تحترس من ميوعة الشباب، ولا من ارتكاب بعض المعاصي التي قد تخرجها، من ربقة الإسلام وعهده.
وهناك أناس كثيرون وأسر إسلامية فهمت أن العبادة عبارة عن أداء ركعات محدودة في أوقات معينة، فإذا أدتها، وخرجت من محرابها نسيت الغاية المثلى التي شرعت من أجلها العبادة، ونسيت أن الحياة بأسرها محرابا للعبادة وأن الإنسان في عبادة حتى ولو كان في حالة بيع أو شراء أو زراعة أو عمارة أو تطبيب أو مداواة للأدواء..
هذه الجماعات كلها لم تفهم معنى الإسلام حقيقة الفهم، ولم تدرك معنى العبادة الإدراك الكامل، ولم يتكون في باطنها الوازع الديني، والخوف من الرقابة الإلهية. أجل هذه الجماعات لم تتربَ التربية الإسلامية اللازمة، ولم تتعلم العلم الإسلامي ولم تتخلق بالأخلاق الإيمانية، ولم تخضع نفسها لشريعة الله ولمنهج الله، أو إنها ربيت بأيد غير نظيفة من الأغراض المنكرة والنوايا الخبيثة من استشراق وتبشير، وقد ينحو الاستعمار منحى تشويه الحقائق الإسلامية فيقلب الصورة رأسا على عقب، ويبدل المفاهيم، ثم يوصل هذه المفاهيم المغيرة والحقائق المتلاعب في صورتها إلى أبناء المسلمين عن طريق مدراسهم وجامعاتهم الأوروبية والأمريكية أو التبشيرية في الديار الإسلامية.