قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} 1.
وهنا نتساءل هل تجوز الاستعانة بغير المسلمين في القتال؟ وكان في الإجابة عن هذا السؤال رأيان للفقهاء:
الرأي الأول:
لا يجوز الاستعانة بغير المسلمين. واستدل أصحاب هذا الرأي أولًا بحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- قالت: "خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قبل بدر، فلما كان بحرة الوبرة أدركه رجل قد كان يتذكر منه جرأة ونجدة، ففرح أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين رأوه، فلما أدركه قال لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- جئت لأتبعك وأصيب معك. قال له رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "تؤمن بالله ورسوله؟ " قال: لا. قال, صلى الله عليه وسلم: "فارجع فلن أستعين بمشرك" 2. قالت عائشة رضي الله عنها: ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل، فقال له كما قال أول مرة. فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال له أول مرة قال: فارجع فلن أستعين بمشرك". قال ثم رجع أدركه في البيداء فقال له كما قال أول مرة "تؤمن بالله ورسوله؟ " قال: نعم. فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "فانطلق" 3.
واستدلوا ثانيًا بموقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- من جمع من اليهود خرجوا يوم أحد مع المسلمين فحين رآهم -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما هذه؟ " قالوا: حلفاء ابن أبيٍّ من يهود.. فقال رسول الله, صلى الله عليه وسلم: "لا تستنصروا بأهل الشرك على أهل الشرك" 4.
إلا أن هذه الطائفة من العلماء تجيز الاستعانة بغير المسلمين في مجال التدريب على الأسلحة وفنون الحرب للاستفادة من خبراتهم القتالية قياسًا على الاستعانة في تعليم المسلمين القراءة والكتابة، وقد جعل رسول الله فدية الأسير تعليم عشرة من المسلمين القراءة والكتابة.