ويعتبر عام "1299" أول عهد الأوربيين بالتبشير كما يعتبر "ريمون لول" أول من تولى التبشير بعد أن فشلت الحروب الصليبية في مهمتها، فقد تعلم "لول" اللغة العربية، وجال في بلاد الإسلام وناقش علماء المسلمين في بلاد كثيرة1.

وإلى جانب تطواف "لول" في البلاد العربية، كانت السفن البحرية الأوروبية تطوق البلاد الإسلامية، وتفرض حولها شبكة من التجسس، فتدمر حضارتها، وتفتت ركائز قوتها.

وتسلل المبشرون إلى داخل العالم الإسلامي للقيام بمهمة التجسس, واستطلاع نقط الضعف وكشفها، وبث الأعوان، ونشر القلاقل والفتن والشبهات.

"ويأتي المبشر تحت علم الصليب كما يقول الأب شانتور يحلم بالماضي وينظر إلى المستقبل، وهو يصغى إلى الريح التي تصفر من بعيد من شواطئ رومية ومن شواطئ فرنسا، وليس من أحد يستطيع أن يمنع الريح من أن تعيد على آذاننا قولها بالأمس، وصرخة أسلافنا "الصليبيين" من قبل إن الله يريدها"2.

ولم يتهاون الصليبيون في يوم ما منذ انقضاء الحروب الصليبية وإلى الآن في توجيه مؤامراتهم، وفي تكثيف خططهم لضرب العالم الإسلامي للقضاء على كل قوة تجمعه وتشده إليها، وما زالوا يشنون غاراتهم، الغارة تلو الأخرى على البلاد الإسلامية لتجلعها منطقة خاضعة لحكمهم الاستعماري.

وعلى هذا فالتبشير ما هو إلا ستار شفاف أو واجهة مزيفة تخفي تحتها أطماعًا استعمارية تريد أن تحقق غزوًا حضاريًا. وكثيرًا ما يظهر التبشير في مناسبات شتى مرادفاً تمامًا لمعنى الاستعمار. ذلك لأن رجال الكنيسة الكاثوليكية يعتبرون التبشير بمذهبهم عملًا وطنيًّا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015