والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة"1.
وقد كان الإسلام متعاطفًا مع دولة الروم أيما تعاطف. قال الله تعالى: {الم, غُلِبَتِ الرُّومُ, فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ, فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ, بِنَصْرِ اللَّهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} 2.
الأمر الذي عجب له مؤرخو النصرانية والدولة البيزنطية، لأن كل الشواهد كانت تخالف هذا التنبوء. ومع ذلك فقد قضى الله أمرًا: كان مفعولًا. وفرح المؤمنون بنصر الدولة البيزنطية.
وعلى هذا فالمسلمون دائمًا أكثر تسامحًا وإنصافًا مع المسيحيين، وقد عاشت الأقليات المسيحية في المجتمعات الإسلامية آمنة على أنفسها آمنة على أعراضها، آمنة على أموالها، لها من الحقوق مثلما للمسلمين، ولو وازنا وضع هذه الأقليات المسيحية بأقليات مسلمة تعيش في مجتمعات مسيحية لما كان هنالك وجه للمقارنة بينهما.
وفي القرنين الأخيرين ومع بداية القرن الثامن عشر حينما دب الضعف في الكنيسة وانحسرت سلطتها في المجتمعات الأوروبية والأمريكية, وانهزمت في روسيا والصين لم تهدأ وتضع سلاحها وتستكن للأمر الواقع وإنما رأت أن هذه فرصة مناسبة لها لتؤكد للمجتمعات الأوروبية والأمريكية أنها الجدار القوي, والستار الواقي الذي يقف حاجزًا دون المسلمين، فهي تضع يدها مع كل فكرة استعمارية، ومع كل تآمر شيوعي أو صهيوني لإشهار السلاح بوجه المسلمين، وقد تواطأت الكنيسة مع الصهيونية ضد الإسلام في كل البلدان الأمريكية والأوروبية، والإفريقية والآسيوية مع أن اليهود هم الذين شوهوا معالم المسيحية، وأساءوا إلى شخص المسيح عليه السلام.
نقد المعتقد النصراني:
نعتقد -نحن المسلمين- أن النصرانية المنتشرة الآن ليست هي النصرانية