تلقى الصحابة القرآن، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم انتشروا بعيدًا عن منزل الوحي يلقنون الناس القرآن على النحو الذي تلقوه من النبي, صلى الله عليه وسلم.
وفي سنة 25 من الهجرة، السنة الثالثة أو الثانية من خلافة عثمان، بعد أن قبض الرسول -صلى الله عليه وسلم- بخمس عشرة سنة، فتحت أرمينية، وكان عثمان أمر أهل الشام وأهل العراق أن يجتمعوا على ذلك. وكان حذيفة بن اليمان1 من جملة من غزا معهم، وكان هو على أهل المدائن، وهي من جملة أعمال العراق.
وتنازع أهل الشام وأهل العراق في القرآن: أهل الشام يقرءون بقراءة أُبي بن كعب، فيأتون بما لم يسمع أهل العراق، وإذا أهل العراق يقرءون بقراءة عبد الله بن مسعود، فيأتون بما لم يسمع أهل الشام فيكفر بعضهم بعضًا2.
ورأى حذيفة ناسًا من أهل حمص يزعمون أن قراءتهم خير من قراءة غيرهم وأنهم أخذوا القرآن عن المقداد، ورأى أهل البصرة يقولون مثل هذا وأنهم قرءوا على أبي موسى ويسمون مصحفه "ألباب القلوب"3.
وغضب حذيفة لما سمع، واحمرت عيناه ثم قام، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: هكذا كان من قبلكم اختلفوا والله لأركبن إلى أمير المؤمنين.
وجاء مفزعًا إلى المدينة، ولم يدخل بيته حتى أتى عثمان، فقال له: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى4 أو قال: أنا النذير فأدركوا الأمة. فاستشار عثمان الصحابة، قال: ما تقولون في