وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ [6 \ 35] ، وَقَوْلِهِ: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا. . . [32 \ 13] ، وَقَوْلِهِ: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا [6 \ 107] ، وَقَوْلِهِ: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا. . . الْآيَةَ [10 \ 99] ، وَقَوْلِهِ: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً. . . الْآيَةَ [11 \ 118] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ. وَقَدْ قَدَّمْنَا هَذَا فِي «سُورَةِ يُونُسَ» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَا يُوَضِّحُ مَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي «سُورَةِ الْحِجْرِ» .
وَقَوْلُهُ - جَلَّ وَعَلَا -: وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ.
بَيَّنَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ: إِنْبَاتَهُ بِالْمَاءِ مَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، وَمَا تَأْكُلُهُ الْمَوَاشِي مِنَ الْمَرْعَى مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِهِ عَلَى بَنِي آدَمَ، وَمِنْ أَوْضَحِ آيَاتِهِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَنْ يُعْبَدَ وَحْدَهُ، وَأَوْضَحَ هَذَا الْمَعْنَى فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ، كَقَوْلِهِ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْمَاءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعَامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلَا يُبْصِرُونَ [32 \ 27] ، وَقَوْلِهِ: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى [20 \ 53، 54] ، وَقَوْلِهِ: وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ [79 \ 30 - 33] ، وَقَوْلِهِ: وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقًا لِلْعِبَادِ الْآيَةَ [50 \ 9 - 11] ، وَقَوْلِهِ: أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ [27 \ 60] ، وَقَوْلِهِ: وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا لِنُخْرِجَ بِهِ حَبًّا وَنَبَاتًا وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا [78 \ 14 - 16] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ هَذَا كَثِيرَةٌ جِدًّا.
تَنْبِيهَانِ.
الْأَوَّلُ: اعْلَمْ أَنَّ النَّظَرَ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ وَاجِبٌ، لِمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ: «أَنَّ صِيغَةَ الْأَمْرِ تَقْتَضِي الْوُجُوبَ إِلَّا لِدَلِيلٍ يَصْرِفُهَا عَنِ الْوُجُوبِ» . وَاللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - أَمَرَ الْإِنْسَانَ أَنْ يَنْظُرَ