21

أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ الْآيَةَ [3 \ 117] ، وَقَوْلِهِ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ [2 \ 264] ، وَقَوْلِهِ: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا [25 \ 23] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي ضَرْبِهِ لِلْأَمْثَالِ أَنْ يَتَفَكَّرَ النَّاسُ فِيهَا فَيَفْهَمُوا الشَّيْءَ بِنَظْرَةٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [59 \ 21] ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ: وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ [14 \ 25] ، وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْأَمْثَالَ لَا يَعْقِلُهَا إِلَّا أَهْلُ الْعِلْمِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [29 \ 43] ، وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ الْمَثَلَ الْمَضْرُوبَ يَجْعَلُهُ اللَّهُ سَبَبَ هِدَايَةٍ لِقَوْمٍ فَهِمُوهُ، وَسَبَبَ ضَلَالٍ لِقَوْمٍ لَمْ يَفْهَمُوا حِكْمَتَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ [2 \ 26] ، وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا وَلَوْ كَانَ الْمَثَلُ الْمَضْرُوبُ بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا، قِيلَ: فَمَا هُوَ أَصْغَرُ مِنْهَا ; لِأَنَّهُ يَفُوقُهَا فِي الصِّغَرِ، وَقِيلَ: فَمَا فَوْقَهَا أَيْ فَمَا هُوَ أَكْبَرُ مِنْهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [2 \ 26] ، وَلِذَلِكَ ضَرَبَ الْمَثَلَ بِالْعَنْكَبُوتِ فِي قَوْلِهِ: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [29 \ 41] ، وَضَرَبَهُ بِالْحِمَارِ فِي قَوْلِهِ: كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا الْآيَةَ [62 \ 5] ، وَضَرَبَهُ بِالْكَلْبِ فِي قَوْلِهِ: وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [7 \ 176] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينِ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ.

هَذِهِ الْمُحَاجَّةُ الَّتِي ذَكَرَهَا اللَّهُ هُنَا عَنِ الْكُفَّارِ بَيَّنَهَا فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ [40 \ 47، 48] ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015