قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَقَدْ قَدَّمْنَا حَدِيثَ عَوْفٍ الْمَذْكُورَ بِلَفْظِ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ، وَلَيْسَ فِيهِ مَا ذَكَرَهُ الْحَافِظُ بْنُ حَجَرٍ، فَهُوَ وَهْمٌ مِنْهُ، كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الشَّوْكَانِيُّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى.

وَالتَّحْقِيقُ فِي إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ أَنَّ رِوَايَتَهُ عَنْ غَيْرِ الشَّامِيِّينَ ضَعِيفَةٌ، وَهُوَ قَوِيٌّ فِي الشَّامِيِّينَ، دُونَ غَيْرِهِمْ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ: وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ، وَإِسْمَاعِيلُ، وَشَيْخُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، الَّذِي هُوَ صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو، كِلَاهُمَا حِمْصِيٌّ، فَهُوَ بَلَدِيٌّ لَهُ:

وَبِهِ تَعَلَمُ صِحَّةَ الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، مَعَ قُوَّةِ شَاهِدِهِ، الَّذِي قَدَّمْنَا عَنْ أَبِي بَكْرٍ الْبَرْقَانِيِّ، بِسَنَدٍ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ.

وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ السَّلَبَ يُخَمَّسُ: بِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ الْآيَةَ.

وَاحْتَجَّ مَنْ قَالَ: يُخَمَّسُ الْكَثِيرُ دُونَ الْيَسِيرِ: بِمَا رَوَاهُ أَنَسٌ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّهُ قَتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِائَةَ رَجُلٍ، إِلَّا رَجُلًا مُبَارَزَةً، وَأَنَّهُمْ لَمَّا غَزَوُا الزَّارَةَ، خَرَجَ دِهْقَانُ الزَّارَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ وَرَجُلٌ، فَبَرَزَ الْبَرَاءُ فَاخْتَلَفَا بِسَيْفَيْهِمَا، ثُمَّ اعْتَنَقَا فَتَوَرَّكَهُ الْبَرَاءُ فَقَعَدَ عَلَى كَبِدِهِ، ثُمَّ أَخَذَ السَّيْفَ فَذَبَحَهُ، وَأَخَذَ سِلَاحَهُ وَمِنْطَقَتَهُ، وَأَتَى بِهِ عُمَرَ، فَنَفَّلَهُ السِّلَاحَ، وَقَوَّمَ الْمِنْطَقَةَ بِثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَخَمَّسَهَا، وَقَالَ: إِنَّهَا مَالٌ. اهـ بِنَقْلِ الْقُرْطُبِيِّ.

وَقَالَ قَبْلَ هَذَا: وَفَعَلَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مَعَ الْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ، حِينَ بَارَزَ " الْمَرْزُبَانَ " فَقَتَلَهُ، فَكَانَتْ قِيمَةُ مِنْطَقَتِهِ، وَسِوَارَيْهِ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَخُمِّسَ ذَلِكَ اهـ.

وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي " الْمُغْنِي ": وَقَالَ إِسْحَاقُ: إِنِ اسْتَكْثَرَ الْإِمَامُ السَّلَبَ، فَذَلِكَ إِلَيْهِ، لِمَا رَوَى ابْنُ سِيرِينَ أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ بَارَزَ " مَرْزُبَانَ " الزَّارَةِ بِالْبَحْرَيْنِ فَطَعَنَهُ، فَدَقَّ صُلْبَهُ، وَأَخَذَ سِوَارَيْهِ، وَسَلَبَهُ، فَلَمَّا صَلَّى عُمَرُ الظَّهْرَ أَتَى أَبَا طَلْحَةَ فِي دَارِهِ، فَقَالَ: إِنَّا كُنَّا لَا نُخَمِّسُ السَّلَبَ، وَإِنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ قَدْ بَلَغَ مَالًا، وَأَنَا خَامِسُهُ، فَكَانَ أَوَّلَ سَلَبٍ خُمِّسَ فِي الْإِسْلَامِ سَلَبُ الْبَرَاءِ، رَوَاهُ سَعِيدٌ فِي السُّنَنِ.

وَفِيهَا أَنَّ سَلَبَ الْبَرَاءِ بَلَغَ ثَلَاثِينَ أَلْفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015