إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَأَمْثَالُ هَذَا مِنَ الصِّفَاتِ الْجَامِعَةِ كَثِيرَةٌ فِي الْقُرْآنِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا مُتَّصِفٌ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ الْمَذْكُورَةِ حَقِيقَةً عَلَى الْوَجْهِ اللَّائِقِ بِكَمَالِهِ، وَجَلَالِهِ. وَإِنَّ مَا وُصِفَ بِهِ الْمَخْلُوقُ مِنْهَا مُخَالِفٌ لِمَا وُصِفَ بِهِ الْخَالِقُ، كَمُخَالَفَةِ ذَاتِ الْخَالِقِ جَلَّ وَعَلَا لِذَوَاتِ الْحَوَادِثِ، وَلَا إِشْكَالَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ الصِّفَاتُ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا الْمُتَكَلِّمُونَ ; هَلْ هِيَ مِنْ صِفَاتِ الْمَعَانِي أَوْ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ، وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ أَنَارَ اللَّهُ بَصِيرَتَهُ أَنَّهَا صِفَاتُ مَعَانٍ أَثْبَتَهَا اللَّهُ - جَلَّ وَعَلَا - لِنَفْسِهِ، كَالرَّأْفَةِ وَالرَّحْمَةِ.

قَالَ فِي وَصْفِهِ - جَلَّ وَعَلَا - بِهِمَا:

فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [16 \ 47] ، وَقَالَ فِي وَصْفِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [9 \ 128] ، وَقَالَ فِي وَصْفِ نَفْسِهِ بِالْحِلْمِ: لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ [22 \ 59] .

وَقَالَ فِي وَصْفِ الْحَادِثِ بِهِ: فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ [37 \ 101] ، إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [9 \ 114] .

وَقَالَ فِي وَصْفِ نَفْسِهِ بِالْمَغْفِرَةِ: إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [2 \ 182] وَ [5 \ 34] وَ [5 \ 39] وَ [5 \ 98] وَ [8 \ 69] وَ [9 \ 5] وَ [9 \ 99] وَ [9 \ 102] وَ [24 \ 62] وَ [29 \ 14] وَ [60 \ 12] وَ [73 \ 20] . لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ [49 \ 3] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَقَالَ فِي وَصْفِ الْحَادِثِ بِهَا: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ [42 \ 43] ، قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لَا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ الْآيَةَ [45 \ 14] ، قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى [2 \ 263] ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.

وَوَصَفَ نَفْسَهُ جَلَّ وَعَلَا بِالرِّضَى وَوَصَفَ الْحَادِثَ بِهِ أَيْضًا فَقَالَ: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [5 \ 119] ، وَوَصَفَ نَفْسَهُ جَلَّ وَعَلَا بِالْمَحَبَّةِ، وَوَصَفَ الْحَادِثَ بِهَا، فَقَالَ: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ [5 \ 54] ، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ [3 \ 31] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015