وَبَيَّنَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ: أَنَّ مُضَاعَفَةَ الْعَذَابِ لِلْمَتْبُوعِينَ لَا تَنْفَعُ الْأَتْبَاعَ، وَلَا تُخَفِّفُ عَنْهُمْ مِنَ الْعَذَابِ، كَقَوْلِهِ: وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذْ ظَلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ [43 \ 39] ، وَقَوْلِهِ هُنَا: قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ الْآيَةَ [7 \ 38] ، وَقَوْلِهِ: وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ [7 \ 39] ، وَقَوْلِهِ: قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ [40 \ 48] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا، يَنْزِعُ مَا فِي صُدُورِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْحِقْدِ، وَالْحَسَدِ الَّذِي كَانَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَّهُمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارَ فِي الْجَنَّةِ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ نَزْعَ الْغِلِّ مِنْ صُدُورِهِمْ يَقَعُ فِي حَالِ كَوْنِهِمْ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ آمِنِينَ مِنَ النَّصَبِ، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْجَنَّةِ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي «الْحِجْرِ» : وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [\ 47، 48] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: أَنَّ بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ حِجَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذَا الْحِجَابَ هُنَا، وَلَكِنَّهُ بَيَّنَهُ فِي سُورَةِ الْحَدِيدِ بِقَوْلِهِ: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ الْآيَةَ [57 \ 13] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ أَصْحَابَ الْأَعْرَافِ، يَعْرِفُونَ كُلًّا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَأَهْلِ النَّارِ بِسِيمَاهُمْ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هُنَا سِيمَا أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَلَا أَهْلِ النَّارِ، وَلَكِنَّهُ أَشَارَ لِذَلِكَ فِي مَوَاضِعَ أُخَرَ، كَقَوْلِهِ: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [3 \ 106] .
فَبَيَاضُ الْوُجُوهِ وَحُسْنُهَا سِيمَا أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَسَوَادُهَا وَقُبْحُهَا وَزُرْقَةُ الْعُيُونِ سِيمَا أَهْلِ النَّارِ، كَمَا قَالَ أَيْضًا فِي سِيمَا أَهْلِ الْجَنَّةِ: تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ [83 \ 24] ، وَقَالَ: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ الْآيَةَ [75 \ 22] ، وَقَالَ فِي سِيمَا أَهْلِ النَّارِ: كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمًا الْآيَةَ [10 \ 27] ، وَقَالَ: وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ الْآيَةَ [80 \ 40] ، وَقَالَ: وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا [20 \ 102] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ.
ذَكَرَ تَعَالَى فِي هَذِهِ