أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ. اهـ.

وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا، فَابْنُ عُرْسٍ حَلَالٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَابٌ قَوِيٌّ، فَهُوَ كَالضَّبِّ، وَاخْتَلَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي ابْنِ آوَى.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَحِلُّ أَكْلُهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَتَقَوَّى بِنَابِهِ فَهُوَ كَالْأَرْنَبِ.

وَالثَّانِي: لَا يَحِلُّ ; لِأَنَّهُ مُسْتَخْبَثٌ كَرِيهُ الرَّائِحَةِ، وَلِأَنَّهُ مِنْ جِنْسِ الْكِلَابِ، قَالَهُ النَّوَوِيُّ، وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ كَرَاهَتُهُمَا.

وَأَمَّا الْوَبَرُ، وَالْيَرْبُوعُ، فَأَكْلُهُمَا جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ، وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ، إِلَّا أَنَّ فِي الْوَبَرِ وَجْهًا عِنْدَهُمْ بِالتَّحْرِيمِ.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ عُمَرَ أَوْجَبَ فِي الْيَرْبُوعِ جَفْرَةً، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ صَيْدٌ، وَمَشْهُورُ مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَيْضًا جَوَازُ أَكْلِ الْيَرْبُوعِ، وَالْوَبَرِ.

وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ الْوَبَرِ: عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَأَبُو يُوسُفَ.

وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ الْيَرْبُوعِ أَيْضًا: عُرْوَةُ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُمْ صَاحِبُ «الْمُغْنِي» .

وَقَالَ الْقَاضِي مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِتَحْرِيمِ الْوَبَرِ، قَالَ فِي «الْمُغْنِي» : وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، إِلَّا أَبَا يُوسُفَ، وَقَالَ أَيْضًا: إِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ فِي الْيَرْبُوعِ أَيْضًا: هُوَ حَرَامٌ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا، وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، وَالْحَكَمِ، وَحَمَّادٍ ; لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْفَأْرَ، وَنَقَلَ النَّوَوِيُّ فِي «شَرْحِ الْمُهَذَّبِ» عَنْ صَاحِبِ «الْبَيَانِ» عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ تَحْرِيمَ الْوَبَرِ، وَالْيَرْبُوعِ، وَالضَّبِّ، وَالْقُنْفُذِ، وَابْنِ عُرْسٍ.

وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَةِ الْخُلْدِ وَالضُّرْبُوبِ: مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ.

وَأَمَّا الْأَرْنَبُ: فَالتَّحْقِيقُ أَنَّ أَكْلَهَا مُبَاحٌ ; لِمَا ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُهْدِيَ لَهُ عُضْوٌ مِنْ أَرْنَبٍ فَقَبِلَهُ» ، وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ «فَأَكَلَ مِنْهُ» ، وَقَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فِي «الْمُغْنِي» : أَكَلَ الْأَرْنَبَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ، وَرَخَّصَ فِيهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَعَطَاءٌ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَاللَّيْثُ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا قَائِلًا بِتَحْرِيمِهَا، إِلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ. اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015