وَالنَّفْيُ فِي قَوْلِهِ: فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا.
وَكَوْنُ الرُّبُوبِيَّةِ تَسْتَوْجِبُ الْعِبَادَةَ، جَاءَ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ [106 \ 3 - 4] .
فَالْمَوْصُولُ وَصِلَتُهُ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِمُوجِبِ الْعِبَادَةِ، وَسَيَأْتِي لِذَلِكَ زِيَادَةُ إِيضَاحٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي نِهَايَةِ السُّورَةِ.
وَقَدْ جَاءَ هُنَا لَفْظُ: رَبِّ النَّاسِ، بِإِضَافَةِ الرَّبِّ إِلَى النَّاسِ، بِمَا يُشْعِرُ بِالِاخْتِصَاصِ، مَعَ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، كَمَا فِي أَوَّلِ الْفَاتِحَةِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
وَفِي قَوْلِهِ: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ [6 \ 164] .
فَالْإِضَافَةُ هُنَا إِلَى بَعْضِ أَفْرَادِ الْعَامِّ.
وَقَدْ أُضِيفَ إِلَى بَعْضِ أَفْرَادٍ أُخْرَى كَالسَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَغَيْرِهَا مِنْ بَعْضِ كُلِّ شَيْءٍ، كَقَوْلِهِ: قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ [13 \ 16] .
وَقَوْلِهِ: رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [73 \ 9] .
وَإِلَى الْبَيْتِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ [106 \ 3] .
وَإِلَى الْبَلَدِ الْحَرَامِ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ [27 \ 91] .
وَإِلَى الْعَرْشِ: رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ [23 \ 116] .
وَإِلَى الرَّسُولِ: اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [6 \ 106] .
وَقَوْلِهِ: وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ [47 \ 3] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
وَلَكِنْ يُلَاحَظُ أَنَّهُ مَعَ كُلِّ إِضَافَةٍ مِنْ ذَلِكَ مَا يُفِيدُ الْعُمُومَ، وَأَنَّهُ مَعَ إِضَافَتِهِ لِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ الْعُمُومِ، فَهُوَ رَبُّ الْعَالَمِينَ، وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ، فَفِي إِضَافَتِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاءَ مَعَهَا قُلِ اللَّهُ.
وَفِي الْإِضَافَةِ إِلَى الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ جَاءَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا [73 \ 9] .