بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الْإِخْلَاص
قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ. الْأَحَدُ: قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيِ: الْوَاحِدُ الْوِتْرُ، الَّذِي لَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا نَظِيرَ، وَلَا صَاحِبَةَ، وَلَا وَلَدَ، وَلَا شَرِيكَ. اهـ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ هَذِهِ الْمَعَانِي صَحِيحَةٌ فِي حَقِّهِ تَعَالَى.
وَأَصْلُ أَحَدٍ: وَحَدٍ، قُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً.
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّابِعَةِ:
كَأَنَّ رَحْلِي وَقَدْ زَالَ النَّهَارُ بِنَا ... بِذِي الْجَلِيلِ عَلَى مُسْتَأْنِسٍ وَحَد
وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ فِي أَحَدٍ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ بِمَعْنَى وَاحِدٍ.
قَالَ الْخَلِيلُ: يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: أَحَدُ اثْنَانِ ثَلَاثَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ أَصْلَهَا وَحَدٌ، وَقُلِبَتِ الْوَاوُ هَمْزَةً لِلتَّخْفِيفِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَاحِدَ وَالْأَحَدَ لَيْسَا اسْمَيْنِ مُتَرَادِفَيْنِ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: لَا يُوصَفُ شَيْءٌ بِالْأَحَدِيَّةِ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى، لَا يُقَالُ: رَجُلٌ أَحَدٌ وَلَا دِرْهَمٌ أَحَدٌ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ وَاحِدٌ أَيْ فَرْدٌ بِهِ، بَلْ أَحَدٌ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى اسْتَأْثَرَ بِهَا فَلَا يُشْرِكُهُ فِيهَا شَيْءٌ.
ثُمَّ قَالَ: ذَكَرُوا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْأَحَدِ وُجُوهًا:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْوَاحِدَ يَدْخُلُ فِي الْأَحَدِ، وَالْأَحَدُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ.
وَثَانِيهَا: أَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: فُلَانٌ لَا يُقَاوِمُهُ وَاحِدٌ، جَازَ أَنْ يُقَالَ: لَكِنَّهُ يُقَاوِمُهُ اثْنَانِ بِخِلَافِ الْأَحَدِ.ُُ