بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم
سُورَةُ الْهُمَزَةِ
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ.
اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى كَلِمَةِ «وَيْلٌ» .
فَقِيلَ: هُوَ وَادٍ فِي جَهَنَّمَ.
وَقِيلَ: هِيَ كَلِمَةُ عَذَابٍ وَهَلَاكٍ.
وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ ذِكْرُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ فِي سُورَةِ الْجَاثِيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ [45 \ 7] ، وَبَيَّنَ أَنَّهَا مَصْدَرٌ لَا لَفْظَ لَهُ مِنْ فِعْلِهِ، وَأَنَّ الْمُسَوِّغَ لِلِابْتِدَاءِ بِهَا مَعَ أَنَّهَا نَكِرَةٌ كَوْنُهَا فِي مَعْرِضِ الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ بِالْهَلَاكِ.
وَقَدِ اسْتَظْهَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْمَعْنَى.
وَمِمَّا يَشْهَدُ لِمَا اسْتَظْهَرَهُ رَحِمَهُ اللَّهُ، مَا جَاءَ فِي حَقِّ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ الَّتِي أَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ، أَنَّهُمْ قَالُوا عِنْدَ رُؤْيَتِهِمْ إِيَّاهَا: قَالُوا يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ [21 \ 14] ، فَهِيَ كَلِمَةٌ تُقَالُ عِنْدَ نُزُولِ الْمَصَائِبِ، وَعِنْدَ التَّقْبِيحِ.
وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: أَصْلُ الْوَيْلِ لَفْظَةُ السُّخْطِ وَالذَّمِ، وَأَصْلُهَا وَيٌّ لِفُلَانٍ، ثُمَّ كَثُرَتْ فِي كَلَامِهِمْ فَوُصِلَتْ بِاللَّامِ، وَيُقَالُ: وَيْحٌ بِالْحَاءِ لِلتَّرَحُّمِ اهـ.
وَمِمَّا يَدُلُّ لِقَوْلِ الرَّازِيِّ أَيْضًا قَوْلُ قَارُونَ: وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ [28 \ 82] .
وَمِثْلُهُ لِلتَّعَجُّبِ فِي قَوْلِهِ: قَالَتْ يَا وَيْلَتَا أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا [11 \ 72] .
وَقَوْلِهِ: قَالَ يَاوَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي [5 \ 31] .