فَهَذَا تَوَاصِي الْأُمَمِ بِأَصْلِ الْإِيمَانِ وَعُمُومِ الشَّرِيعَةِ، وَكَذَلِكَ بِالْعِبَادَةِ مِنْ صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَتِي [19 \ 31 - 32] .

وَكَذَلِكَ الْحَالَةُ الِاجْتِمَاعِيَّةُ مَاثِلَةٌ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْوَالِدَيْنِ وَالْأَوْلَادِ، لِتَرَابُطِ الْأُسْرَةِ، فَفِي الْوَالِدَيْنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [31 \ 14 - 15] .

وَفِي الْأَبْنَاءِ قَالَ: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [4 \ 11] .

وَفِي الْحُقُوقِ الْعَامَّةِ أَوَامِرٌ وَنَوَاهِي، عِبَادَاتٌ وَمُعَامَلَاتٌ، جَاءَتْ آيَاتُ الْوَصَايَا الْعَشْرِ الَّتِي قَالَ عَنْهَا ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّتِي عَلَيْهَا خَاتَمَهُ فَلْيَقْرَأْ: قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [6 \ 151 - 153] .

تِلْكَ الْوَصَايَا الْجَامِعَةُ أَبْوَابَ الْخَيْرِ الْمُوَصِّدَةُ أَبْوَابَ الشَّرِّ وَالْمُذَيَّلَةُ بِهَذَا التَّبْيِينِ وَالتَّعْرِيفِ " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ ".

وَلَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَرْبِطَ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ التَّوَاصِي بِالْحَقِّ وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ، لَكَانَتِ النَّتِيجَةُ كَالْآتِي فِي قَوْلِهِ: وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ، إِحَالَةً عَلَى تِلْكَ الْوَصَايَا، وَهِيَ شَامِلَةٌ جَامِعَةٌ وَمُعَنْوَنٌ لَهَا بِأَنَّهَا صِرَاطُ اللَّهِ الْمُسْتَقِيمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015