وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: الْآيَةُ تَعُمُّ جَمِيعَ مَا ذَكَرَ وَغَيْرَهُ.
وَسِيَاقُ حَدِيثِ الصَّحِيحِ: «لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ، لَأَحَبَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلَأَ فَاهُ إِلَّا التُّرَابُ، وَيَتُوبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ تَابَ» .
قَالَ ثَابِتٌ: عَنْ أَنَسٍ عَنْ أُبَيٍّ: كُنَّا نَرَى هَذَا مِنَ الْقُرْآنِ حَتَّى نَزَلَتْ: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ.
وَكَأَنَّ الْقُرْطُبِيَّ يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ التَّكَاثُرَ بِالْمَالِ أَيْضًا.
وَقَدْ جَاءَتْ نُصُوصٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّكَاثُرَ الَّذِي أَلْهَاهُمْ، وَالَّذِي ذَمَّهُمُ اللَّهُ بِسَبَبِهِ أَوْ حَذَّرَهُمْ مِنْهُ، إِنَّمَا هُوَ فِي الْجَمِيعِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا إِلَى قَوْلِهِ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [57 \ 20] .
فَفِيهِ التَّصْرِيحُ: بِأَنَّ التَّفَاخُرَ وَالتَّكَاثُرَ بَيْنَهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ.
ثُمَّ جَاءَتْ نُصُوصٌ أُخْرَى فِي هَذَا الْمَعْنَى كَقَوْلِهِ: وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ [6 \ 32] .
وَقَوْلِهِ: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ [29 \ 64] .
وَلِكَوْنِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ، جَاءَ التَّحْذِيرُ مِنْهَا وَالنَّهْيُ عَنْ أَنْ تُلْهِهِمْ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ [63 \ 9] .
وَبَيَّنَ تَعَالَى أَنَّ مَا عِنْدَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ خَيْرٌ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ [62 \ 9] .
وَمِمَّا يُرَجِّحُ أَنَّ التَّكَاثُرَ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ فِي نَفْسِ السُّورَةِ، مَا جَاءَ فِي آخِرِهَا مِنْ