وَقَدْ نَصَّ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ: وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ [82 \ 4] ، أَيْ بُعْثِرَ مِنْ فِيهَا.
وَقَوْلِهِ: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا [70 \ 43] .
وَقَوْلِهِ: كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُنْتَشِرٌ [54 \ 7] .
وَقَوْلِهِ: يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ [101 \ 4] . .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ.
قِيلَ: حُصِّلَ أَيْ أُبْرِزَ. قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَقِيلَ: مَيَّزَ الْخَيْرَ مِنَ الشَّرِّ.
وَالْحَاصِلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَا بَقِيَ.
قَالَ لَبِيَدٌ:
وَكُلُّ امْرِئٍ يَوْمًا سَيَعْلَمُ سَعْيَهُ ... إِذَا حَصَلَتْ عِنْدَ الْإِلَهِ الْحَصَائِلُ
وَالْمُرَادُ بِمَا فِي الصُّدُورِ الْأَعْمَالُ، وَهَذَا كَقَوْلِهِ: يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ [86 \ 9] .
وَنَصَّ عَلَى الصُّدُورِ هُنَا، مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الْقُلُوبُ ; لِأَنَّهَا هِيَ مُنَاطُ الْعَمَلِ وَمَعْقِدُ النِّيَّةِ.
وَالْعَقِيدَةُ وَصِحَّةُ الْأَعْمَالِ كُلُّهَا مَدَارُهَا عَلَى النِّيَّةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَحَدِيثِ: «أَلَا إِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ» الْحَدِيثَ.
وَقَالَ الْفَخْرُ الرَّازِيُّ: خَصَّصَ الْقَلْبَ بِالذِّكْرِ ; لِأَنَّهُ مَحَلٌّ لِأُصُولِ الْأَعْمَالِ.
وَلِذَا ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الذَّمِّ، فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [2 \ 283] ، وَفِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ: وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [8 \ 2] .
وَيَشْهَدُ لِمَا قَالَهُ قَوْلُهُ: إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [26 \ 89] .
وَقَوْلُهُ: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ [2 \ 74] .ُُ