هَذَا هُوَ الْجَانِبُ الْمَالِيُّ مِنْ دَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْهُ فِي حِفْظِ مَالِهِ، وَمِنْ جَانِبِ جَلْبِ النَّفْعِ إِلَيْهِ عَنْ طَرِيقِ الْمَالِ.

أَمَّا الْجَانِبُ النَّفْسِيُّ فَكَالْآتِي:

أَوَّلًا: عَدَمُ مَسَاءَتِهِ فِي نَفْسِهِ، فَمِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ [107 \ 1 - 3] .

وَمِنْهَا قَوْلُهُ: كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ [89 \ 17 - 18] ، فَقَدَّمَ إِكْرَامَهُ إِشَارَةً لَهُ.

ثَانِيًا: فِي الْإِحْسَانِ إِلَيْهِ، مِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى [2 \ 83] فَيُحْسِنُ إِلَيْهِ كَمَا يُحْسِنُ لِوَالِدَيْهِ وَلِذِي الْقُرْبَى.

وَمِنْهَا سُؤَالُ وَجَوَابُهُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ [2 \ 220] ، أَيْ: تُعَامِلُونَهُمْ كَمَا تُعَامِلُونَ الْإِخْوَانَ، وَهَذَا أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِحْسَانِ وَالْمَعْرُوفِ ; وَلِذَا قَالَ تَعَالَى: وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ.

وَفِي تَقْدِيمِ ذِكْرِ الْمُفْسِدِ عَلَى الْمُصْلِحِ: إِشْعَارٌ لِشِدَّةِ التَّحْذِيرِ مِنَ الْإِفْسَادِ فِي مُعَامَلَتِهِ، وَلِأَنَّهُ مَحَلُّ التَّحْذِيرِ فِي مَوْطِنٍ آخَرَ جَعَلَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأَوْلَادِ فِي قَوْلِهِ: وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [4 \ 9] .

أَيْ: حَتَّى فِي مُخَاطَبَتِهِمْ إِيَّاهُمْ لِأَنَّهُمْ بِمَنْزِلَةِ أَوْلَادِهِمْ، بَلْ رُبَّمَا كَانَ لَهُمْ أَوْلَادٌ فِيمَا بَعْدُ أَيْتَامًا مِنْ بَعْدِهِمْ، فَكَمَا يَخْشَوْنَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ إِذَا صَارُوا أَيْتَامًا مِنْ بَعْدِهُمْ، فَلْيُحْسِنُوا مُعَامَلَةَ الْأَيْتَامِ فِي أَيْدِيهِمْ، وَهَذِهِ غَايَةُ دَرَجَاتِ الْعِنَايَةِ وَالرِّعَايَةِ.

تِلْكَ هِيَ نُصُوصُ الْقُرْآنِ فِي حُسْنِ مُعَامَلَةِ الْيَتِيمِ وَعَدَمِ الْإِسَاءَةِ إِلَيْهِ، مِمَّا يُفَصِّلُ مُجْمَلَ قَوْلِهِ: فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ [93 \ 9] .

لَا بِكَلِمَةٍ غَيْرِ سَدِيدَةٍ، وَلَا بِحِرْمَانِهِ مِنْ شَيْءٍ يَحْتَاجُهُ، وَلَا بِإِتْلَافِ مَالِهِ، وَلَا بِالتَّحَيُّلِ عَلَى أَكْلِهِ وَإِضَاعَتِهِ، وَلَا بِشَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ، لَا فِي نَفْسِهِ وَلَا فِي مَالِهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015