بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
سُورَةُ الِانْشِقَاقِ
قَوْلُهُ تَعَالَى إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ
تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الِانْفِطَارِ» ، عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: إِذَا السَّمَاءُ انْفَطَرَتْ [82 \ 1] ، وَالْإِحَالَةُ عَلَى كَلَامِ الشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي سُورَتَيِ «الشُّورَى» وَ «ق» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ
تَقَدَّمَ بَيَانُ مَادَّةِ «أَذِنَ» فِي سُورَةِ «الْجُمُعَةِ» ، عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الْأَذَانِ، «وَأَذِنَتْ» هُنَا بِمَعْنَى اسْتَمَعَتْ وَأَطَاعَتْ، «وَحُقَّتْ» أَيْ: حُقَّ لَهَا أَوْ هِيَ مَحْقُوقَةٌ بِذَلِكَ، أَيْ: لَا يُوجَدُ مُمَانِعٌ لِهَذَا الْأَمْرِ.
وَقَدْ حَمَلَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فِي «أَذِنَتْ» ، أَيْ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ مُمَانَعَةً مِنْ تَشَقُّقِهَا، كَانَ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ الِامْتِثَالِ وَالِاسْتِمَاعِ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّ لِلْجَمَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى حَالَةً لَا كَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَخْلُوقِينَ فِي مَبْحَثِ أَوَّلِ «الْحَشْرِ» فِي مَعْنَى التَّسْبِيحِ مِنَ الْجَمَادَاتِ.
وَقَدْ جَاءَ صَرِيحًا فِي حَقِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا [33 \ 72] ، وَقَالَ تَعَالَى: ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ [41 \ 11] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ
أَيْ: سُوِّيَتْ وَأُزِيلَتْ جِبَالُهَا، وَسُوِّيَتْ وِهَادُهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: