«بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ» [4 \ 158] «بَلْ رَبُّكُمْ» [21 \ 56] .
وَفِي كِتَابِ ابْنِ عَطِيَّةَ. وَقَرَأَ نَافِعٌ: «بَلْ رَانَ» مِنْ غَيْرِ مُدْغَمٍ.
وَفِيهِ أَيْضًا: وَقَرَأَ نَافِعٌ أَيْضًا بِالْإِدْغَامِ وَالْإِمَالَةِ.
وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: الْبَيَانُ وَالْإِدْغَامُ حَسَنَانِ.
وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَقُرِئَ بِإِدْغَامِ اللَّامِ فِي الرَّاءِ، وَبِالْإِظْهَارِ وَالْإِدْغَامِ أَجْوَدُ، وَأُمِيلَتِ الْأَلِفُ وَفُخِّمَتْ. اهـ.
أَمَّا الْمَعْنَى فَقَدْ تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ ذَلِكَ وَافِيًا فِي سُورَةِ «الْكَهْفِ» عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ الْآيَةَ [18 \ 57] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ
تَوْجِيهٌ إِلَى مَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِيهِ الْمُنَافَسَةُ، وَهِيَ بِمَعْنَى الرَّغْبَةِ فِي الشَّيْءِ.
قَالَ أَبُو حَيَّانَ: نَافَسَ فِي الشَّيْءِ: رَغِبَ فِيهِ، وَنَفَّسْتُ عَلَيْهِ بِالشَّيْءِ أَنْفُسُ نَفَاسَةً، إِذَا بَخِلْتَ بِهِ عَلَيْهِ وَلَمْ تُحِبَّ أَنْ يَصِيرَ إِلَيْهِ.
وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي - وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ - أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الْمُطَالَبَةِ وَالْمُكَاثَرَةِ بِالشَّيْءِ النَّفِيسِ، فَكُلٌّ يُسَابِقُ إِلَيْهِ لِيَحُوزَهُ لِنَفْسِهِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ لَفْتٌ لِأَوَّلِ السُّورَةِ، إِذَا كَانَ أُولَئِكَ يَسْعَوْنَ لِجَمْعِ الْمَالِ بِالتَّطْفِيفِ، فَلَهُمُ الْوَيْلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.
وَإِذَا كَانَ الْأَبْرَارُ لَفِي نَعِيمٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهَذَا شَرَابُهُمْ، فَهَذَا هُوَ مَحَلُّ الْمُنَافِسَةِ، لَا فِي التَّطْفِيفِ مِنَ الْحَبِّ أَوْ أَيِّ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ
وَصْفُهُمْ بِالْإِجْرَامِ هُنَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي ضَحِكِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَغَامُزِهِمْ بِهِمْ،