عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيُّ شُبْهَةٍ وَلَا تُهْمَةٍ، فَلَيْسَ لِلْعَاقِلِ أَنْ يَحِيدَ عَنْهُ، وَكُلُّ ذَهَابٍ إِلَى غَيْرِهِ فَطَرِيقٌ مَسْدُودٌ، وَضَلَالٌ وَهَلَاكٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ أَيْ: بَعْدَ هَذَا الْبَيَانِ وَقُوَّةِ هَذَا السَّنَدِ، وَإِظْهَارِ ثُبُوتِ الرِّسَالَةِ، فَقَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ: «لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ
فِيهِ قَضِيَّةُ الْقَدَرِ وَالْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ. وَقَدْ بَحَثَهَا الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - فِي عِدَّةِ مَوَاطِنَ. مِنْهَا فِي سُورَةِ «الزُّخْرُفِ» عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ [43 \ 20] ، وَفِيهَا مُنَاظَرَةُ الْمُعْتَزِلِيِّ مَعَ السُّنِّيِّ.
وَمِنْهَا فِي سُورَةِ «الذارِيَاتِ» : وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ [51 \ 56 - 57] ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْإِرَادَةِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ.
تَنْبِيهٌ.
إِذَا كَانَ الْكَثِيرُونَ يَسْتَدِلُّونَ فِي قَضِيَّةِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي أَلَّا تُغْفَلَ أَهَمِّيَّتُهَا فِي جَانِبِ الضَّرَاعَةِ إِلَى اللَّهِ دَائِمًا، بِطَلَبِ التَّفَضُّلِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا بِالْمَشِيئَةِ بِالِاسْتِقَامَةِ فَضْلًا مِنْ عِنْدِهِ، كَمَا أَمَرَنَا فِي الصَّلَاةِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ مِنْهَا أَنْ نَطْلُبَهُ هَذَا الطَّلَبَ: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ [1 \ 6] .
تَنْبِيهٌ آخَرُ.
لِقَدْ أُجْمِلَتِ الِاسْتِقَامَةُ هُنَا، وَهِيَ مُنَبَّهٌ عَلَيْهَا فِي سُورَةِ «الْفَاتِحَةِ» : إِلَى صِرَاطِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.