وَلَا يُوجَدُ الْيَوْمَ أَكْرَمُ عَلَى اللَّهِ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ مُوسَى وَأَخِيهِ هَارُونَ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَيَكُونُ مَنْهَجُ الدَّعْوَةِ مِنْ أَكْرَمِ خَلْقِ اللَّهِ إِلَى أَكْفَرِ عِبَادِ اللَّهِ بِهَذَا الْأُسْلُوبِ الْهَادِئِ اللَّيِّنِ الْحَكِيمِ، مُنْطَلِقًا مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [20 \ 44] فَكَانَا كَمَا أَمَرَهُمَا اللَّهُ، وَقَالَا كَمَا عَلَّمَهُمَا اللَّهُ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى، وَهَذَا الْمَنْهَجُ هُوَ تَحْقِيقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [16 \ 125] .
وَقَدْ وَضَعَ الْقُرْآنُ مَنْهَجًا مُتَكَامِلًا لِلدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ، وَفَصَّلَهُ الْعُلَمَاءُ بِمَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّاعِي وَالْمَدْعُوِّ إِلَيْهِ، وَمُرَاعَاةِ حَالِ الْمَدْعُوِّ.
وَقَدْ قَدَّمَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ -: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ [5 \ 105] مِنْ سُورَةِ «الْمَائِدَةِ» .
وَقَوْلَهُ تَعَالَى: وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ [11 \ 88] فِي سُورَةِ «هُودٍ» .
وَقَوْلَهُ تَعَالَى: وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [16 \ 125] فِي سُورَةِ «النَّحْلِ» .
وَمَجْمُوعُ ذَلِكَ كُلِّهِ يُشَكِّلُ مَنْهَجًا كَامِلًا لِمَادَّةِ طَرِيقِ الدَّعْوَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالدَّاعِي وَالْمَدْعُوِّ وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ، وَكَيْفِيَّةِ ذَلِكَ. وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى فَكَذَّبَ وَعَصَى
ذَكَرَ هُنَا الْآيَةَ الْكُبْرَى فَقَطْ، وَذَكَرَ تَعَالَى مِنْهَا أَنَّ فِرْعَوْنَ جَمْعَ بَيْنَ التَّكْذِيبِ وَالْعِصْيَانِ، وَتَقَدَّمَ فِي سُورَةِ «الْقَمَرِ» قَوْلُهُ: وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ.
[54 \ 41 - 42] ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ ذَلِكَ هُنَاكَ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى
النَّكَالُ: هُوَ اسْمٌ لِمَا جُعِلَ نَكَالًا لِلْغَيْرِ، أَيْ: عُقُوبَةً لَهُ حَتَّى يُعْتَبَرَ بِهِ، وَالْكَلِمَةُ مِنْ