38

وَكَذَلِكَ التَّفْصِيلُ فِي قَوْلِهِ: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا

بَيَّنَهُ بَعْدَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا إِلَى قَوْلِهِ: جَزَاءً مِنْ رَبِّكَ عَطَاءً حِسَابًا [78 \ 32 - 36] .

قَوْلُهُ تَعَالَى: عَطَاءً حِسَابًا

فِي حَقِّ الْكُفَّارِ قَالَ: جَزَاءً وِفَاقًا، وَفِي حَقِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ عَطَاءً حِسَابًا.

فَفِي الْأَوَّلِ بَيَانُ أَنَّ مُجَازَاتِهِمْ وِفْقَ أَعْمَالِهِمْ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا. وَفِي الثَّانِي بَيَانٌ بِأَنَّ هَذَا النَّعِيمَ عَطَاءٌ مِنَ اللَّهِ وَتَفَضُّلٌ عَلَيْهِمْ بِهِ مِنَ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْمَفَازُ الْمُفَسَّرُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [3 \ 185] .

وَدُخُولُ الْجَنَّةِ ابْتِدَاءً عَطَاءٌ مِنَ اللَّهِ كَمَا فِي حَدِيثِ: «لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ» ، وَقَوْلُهُ: حِسَابًا: إِشْعَارٌ بِأَنَّ تَفَاوُتَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ بِالْحِسَابِ وَنَتَائِجِ الْأَعْمَالِ. وَقِيلَ حِسَابًا: بِمَعْنَى كِفَايَةٍ، حَتَّى يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ: حَسْبِي حَسْبِي. أَيْ: كَافِينِي.

قَوْلُهُ تَعَالَى: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا تَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى مِنْ سُورَةِ «الْكَهْفِ» : وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا [18 \ 48] .

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ لِمَعْنَى الرُّوحِ هُنَا سَبْعَةَ أَقْوَالٍ هِيَ: أَرْوَاحُ بَنِي آدَمَ، أَوْ بَنُو آدَمَ أَنْفُسُهُمْ، أَوْ خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ عَلَى صُوَرِ بَنِي آدَمَ لَيْسُوا بِمَلَائِكَةٍ وَلَا بَشَرٍ، وَيَأْكُلُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015