26

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا

وَقَبْلَهَا قَالَ تَعَالَى: كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا [76 \ 5] ، فَقَدْ قِيلَ: هُمَا مَعًا، فَهِيَ فِي بَرْدِ الْكَافُورِ وَطِيبِ الزَّنْجَبِيلِ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا

وَهَذَا وَصْفُ شَرَابِ الْجَنَّةِ، وَالشَّرَابُ هُنَا هُوَ الْخَمْرُ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ هَذَا الْمَفْهُومِ مِنْ أَنَّ شَرَابَ خَمْرِ الدُّنْيَا لَيْسَ طَهُورًا ; لِأَنَّ أَحْوَالَ الْجَنَّةِ لَهَا أَحْكَامُهَا الْخَاصَّةُ، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ [76 \ 15] ، مَعَ أَنَّ أَوَانِيَ الْفِضَّةِ مُحَرَّمَةٌ فِي الدُّنْيَا ; لِحَدِيثِ: «الَّذِي يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» ، وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُنَعَّمُونَ بِهَا.

وَكَذَلِكَ يُنَعَّمُونَ بِخَمْرِ الْجَنَّةِ، وَكُلُّ أَوْصَافِهَا فِي الْجَنَّةِ عَكْسُ أَوْصَافِهَا فِي الدُّنْيَا كَمَا تَقَدَّمَ، لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ، كَمَا أَوْضَحَهُ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ [56 \ 19] فِي سُورَةِ «الْوَاقِعَةِ» .

قَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا

«نَزَّلْنَا» «تَنْزِيلًا» : يَدُلُّ عَلَى التَّكْرَارِ بِخِلَافِ «أَنْزَلْنَا» ، وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ أَنْزَلَ الْقُرْآنَ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ فِي سُورَةِ «الْقَدْرِ» : إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [97 \ 1] ، وَهُنَا إِثْبَاتُ التَّنْزِيلِ.

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى كَيْفِيَّةَ التَّنْزِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا [17 \ 106] .

وَقَدْ بَيَّنَ تَعَالَى الْحِكْمَةَ فِي هَذَا التَّفْرِيقِ عَلَى مُكْثٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا [25 \ 32] ، وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي سُورَةِ «الْفُرْقَانِ» ، وَالْإِحَالَةُ فِيهَا عَلَى بَيَانٍ سَابِقٍ.

قَوْلُهُ تَعَالَى: فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا

تَقَدَّمَ بَيَانُ مِقْدَارِ الْمَطْلُوبِ قِيَامُهُ مِنَ اللَّيْلِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ «الْمُزَّمِّلِ» فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015