يُنْجِبَ قَطُّ.

وَالثَّانِيَةُ: الْإِنْعَامُ بِالْإِيمَانِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [28 \ 56] .

وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: " كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ ". الْحَدِيثَ.

وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ يُولَدُ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ، لَا كَسْبَ لَهُ فِي ذَلِكَ.

وَالثَّالِثَةُ: الْإِنْعَامُ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ كَمَا فِي الْحَدِيثِ: " لَنْ يَدْخُلَ أَحَدُكُمُ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ ". قَالُوا: وَلَا أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: وَلَا أَنَا ; إِلَّا أَنْ يَتَغَمَّدَنِي اللَّهُ بِرَحْمَتِهِ ".

وَقَدْ ذَكَرَ تَعَالَى نِعْمَتَيْنِ صَرَاحَةً، وَهُمَا خَلْقُ الْإِنْسَانِ بَعْدَ الْعَدَمِ، وَهِدَايَتُهُ السَّبِيلَ.

وَالثَّالِثَةُ: تَأْتِي ضِمْنًا فِي ذِكْرِ النَّتِيجَةِ: إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا [76 \ 5] ; لِأَنَّ الْأَبْرَارَ هُمُ الشَّاكِرُونَ بِدَلِيلِ التَّقْسِيمِ: شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا [76 \ 3 - 5] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ [76 \ 3] تَقَدَّمَ أَنَّهَا هِدَايَةُ بَيَانٍ.

وَتَقَدَّمَ لِلشَّيْخِ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْنَا وَعَلَيْهِ - بَيَانُ الْهِدَايَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَاصَّةِ. وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ، وَفِي مُسْتَهَلِّ هَذِهِ السُّورَةِ بَيَانٌ لِمَبْدَأِ الْإِنْسَانِ وَمَوْقِفِهِ مِنْ بَعْثَةِ الرُّسُلِ وَهِدَايَتِهِمْ، وَنَتَائِجِ أَعْمَالِهِمْ مِنْ شُكْرٍ أَوْ كُفْرٍ.

وَقَدْ جَاءَتِ السُّنَّةُ بِقِرَاءَةِ هَذِهِ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ فَجْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، مَعَ قِرَاءَةِ سُورَةِ السَّجْدَةِ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى.

وَقَالَ ابْنُ تَيْمِيَةَ: إِنَّ قِرَاءَتَهُمَا مَعًا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ; لِمُنَاسَبَةِ خَلْقِ آدَمَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، لِيَتَذَكَّرَ الْإِنْسَانُ فِي هَذَا الْيَوْمِ - وَهُوَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ - مَبْدَأَ خَلْقِ أَبِيهِ آدَمَ، وَمَبْدَأَ خَلْقِ عُمُومِ الْإِنْسَانِ، وَيَتَذَكَّرُ مَصِيرَهُ وَمُنْتَهَاهُ ; لِيَرَى مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ دَعْوَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَهَلْ هُوَ شَاكِرٌ أَوْ كَفُورٌ. اهـ مُلَخَّصًا.

وَمَضْمُونُ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْحِكْمَةَ فِي قِرَاءَةِ السُّورَتَيْنِ فِي فَجْرِ الْجُمُعَةِ، أَنَّ يَوْمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015