وَمِنْ نَاحِيَةٍ ثَالِثَةٍ: لَوْ أَنَّهُ أُخِذَ بِقَوْلِهِمْ، فَأُخْرِجَتْ مِنَ الْمَسْجِدِ، أَيْ: جُعِلَ الْمَسْجِدُ مِنْ دُونِهَا عَلَى الْأَصْلِ الْأَوَّلِ.
ثُمَّ جَاءَ آخَرُونَ، وَقَالُوا: نُعِيدُهَا عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ الْخَلِيفَةِ الرَّاشِدِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَلَا يُقَالُ فِي ذَلِكَ مَا قَالَ مَالِكٌ لِلرَّشِيدِ - رَحِمَهُمَا اللَّهُ - فِي خُصُوصِ الْكَعْبَةِ لَمَّا بَنَاهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ، وَأَعَادَهَا الْحَجَّاجُ، وَأَرَادَ الرَّشِيدُ أَنْ يُعِيدَهَا عَلَى بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: لَا تَفْعَلْ ; لِأَنِّي أَخْشَى أَنْ تُصْبِحَ الْكَعْبَةُ أُلْعُوبَةَ الْمُلُوكِ. فَيُقَالُ: هُنَا أَيْضًا فَتُصْبِحُ الْحُجْرَةُ أُلْعُوبَةَ الْمُلُوكِ بَيْنَ إِدْخَالٍ وَإِخْرَاجٍ. وَفِيهِ مِنَ الْفِتْنَةِ مَا فِيهِ. وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.