لَشُغْلًا، وَإِذَا سَمِعَهُ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ جَالِسٌ نَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يَقُومُ حَالًا لِلصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرَغَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ يَقْرُبَ.

وَإِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَهُوَ يُؤَذِّنُ اسْتُحِبَّ لَهُ انْتِظَارُهُ لِيَفْرَغَ وَيَقُولَ مِثْلَ مَا يَقُولُ جَمْعًا بَيْنَ الْفَضِيلَتَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ كَقَوْلِهِ وَافْتَتَحَ الصَّلَاةَ فَلَا بَأْسَ، ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْمُغْنِي عَنْ أَحْمَدَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

إِجَابَةُ أَكْثَرَ مِنْ مُؤَذِّنٍ

وَلِلْعُلَمَاءِ مَبْحَثٌ فِيمَا لَوْ سَمِعَ أَكْثَرَ مِنْ مُؤَذِّنٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: لَمْ أَرَ فِيهِ شَيْئًا لِأَصْحَابِنَا، وَفِيهِ خِلَافٌ لِلسَّلَفِ، وَقَالَ حَكَاهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ، ثُمَّ قَالَ: وَالْمُخْتَارُ أَنْ يُقَالَ: الْمُتَابَعَةُ سُنَّةٌ مُتَأَكِّدَةٌ يُكْرَهُ تَرْكُهَا لِتَصْرِيحِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بِالْأَمْرِ، وَهَذَا يَخْتَصُّ بِالْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْأَمْرَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ.

وَذَكَرَهُ صَاحِبُ الْفَتْحِ وَقَالَ: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُجِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ بِإِجَابَةٍ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ. اهـ.

وَعِنْدَ الْأَحْنَافِ الْحَقُّ لِلْأَوَّلِ.

وَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي مَبْحَثِ الْأُصُولِ، هَلِ الْأَمْرُ الْمُطْلَقُ يَقْتَضِي تَكْرَارَ الْمَأْمُورِ بِهِ أَمْ لَا؟

وَقَدْ بَحَثَ هَذَا الْمَوْضُوعَ فَضِيلَةُ شَيْخِنَا - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - فِي مُذَكِّرَةِ الْأُصُولِ وَحَاصِلُهُ: إِنَّ الْأَمْرَ إِمَّا مُقَيَّدٌ بِمَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ أَوْ مُطْلَقٌ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ بَلْ يَخْرُجُ مِنْ عُهْدَتِهِ بِمَرَّةٍ، ثُمَّ فَصَّلَ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - الْقَوْلَ فِيمَا اتُّفِقَ عَلَيْهِ وَمَا اخْتُلِفَ فِيهِ، وَمِنْهُ تَعَدُّدُ حِكَايَةِ الْمُؤَذِّنِ وَبَحَثَهَا بِأَوْسَعَ فِي الْأَضْوَاءِ عَنْ تَعَدُّدِ الْفِدْيَةِ فِي الْحَجِّ، وَالْوَاقِعُ أَنَّ سَبَبَ الْخِلَافِ فِيمَا اخْتُلِفَ فِيهِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ تَحْقِيقِ الْمَنَاطِ هَلِ السَّبَبُ الْمَذْكُورُ مِمَّا يَقْتَضِي التَّعَدُّدَ، أَمْ لَا؟

وَالْأَسْبَابُ فِي هَذَا الْبَابِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ قِسْمٌ يَقْتَضِي التَّكْرَارَ قَطْعًا، وَقِسْمٌ لَا يَقْتَضِيهِ قَطْعًا، وَقِسْمٌ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ.

فَمِنَ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ التَّكْرَارَ قَطْعًا: مَا لَوْ وُلِدَ لَهُ تَوْأَمَانِ فَإِنَّ عَلَيْهِ عَقِيقَتَيْنِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015