الْحَضَرَ أَيْضًا لَا يُؤَذِّنُ فِيهِ إِلَّا وَاحِدٌ، وَلَوِ احْتِيجَ إِلَى تَعَدُّدِهِمْ لِتَبَاعُدِ أَقْطَارِ الْبَلَدِ أَذَّنَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي جِهَةٍ وَلَا يُؤَذِّنُونَ جَمِيعًا.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ التَّأْذِينَ جَمِيعًا بَنُو أُمَيَّةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: وَأُحِبُّ أَنْ يُؤَذِّنَ مُؤَذِّنٌ بَعْدَ مُؤَذِّنٍ، وَلَا يُؤَذِّنُونَ جَمِيعًا، وَإِنْ كَانَ مَسْجِدٌ كَبِيرٌ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ جِهَةٍ مِنْهُ، مُؤَذِّنٌ، يُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. اهـ.

وَهَذَا الَّذِي حَكَاهُ الشَّارِحُ عَنِ الشَّافِعِيِّ مَوْجُودٌ فِي الْأُمِّ، وَلَكِنْ بِلَفْظِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي كُلِّ مَنَارَةٍ لَهُ مُؤَذِّنٌ فَيُسْمِعُ مَنْ يَلِيهِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ. اهـ.

وَهَذَا الْقَدْرُ كَافٍ لِبَيَانِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، مِنْ أَنَّ التَّعَدُّدَ جَائِزٌ بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ.

وَعِنْدَ مَالِكٍ جَاءَ فِي الْمُوَطَّأِ حَدِيثُ بِلَالٍ وَابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ أَيْضًا.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي شَرْحِهِ: وَيَدُلُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى جَوَازِ اتِّخَاذِ مُؤَذِّنَيْنِ فِي مَسْجِدٍ يُؤَذِّنَانِ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ.

وَرَوَى عَلِيُّ بْنُ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ أَنْ يُؤَذِّنَ لِلْقَوْمِ فِي السَّفَرِ وَالْحَرَسِ وَالْمَرْكِبِ ثَلَاثَةُ مُؤَذِّنِينَ وَأَرْبَعَةٌ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يُتَّخَذَ فِي الْمَسْجِدِ أَرْبَعَةُ مُؤَذِّنِينَ وَخَمْسَةٌ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا بَأْسَ فِيمَا اتَّسَعَ وَقْتُهُ مِنَ الصَّلَوَاتِ، كَالصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ، أَنْ يُؤَذِّنَ خَمْسَةٌ إِلَى عَشَرَةٍ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، وَفِي الْعَصْرِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى خَمْسَةٍ، وَلَا يُؤَذِّنُ فِي الْمَغْرِبِ إِلَّا وَاحِدٌ.

فَهَذَا نَصُّ مَالِكٍ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي جَوَازِ تَعَدُّدِ الْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ الْوَاحِدِ، يُؤَذِّنُونَ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ.

وَفِي مَتْنِ خَلِيلٍ مَا نَصُّهُ: وَتَعَدُّدُهُ وَتَرْتِيبُهُمْ إِلَّا الْمَغْرِبَ، وَجَمْعُهُمْ كُلٌّ عَلَى أَذَانٍ.

وَذَكَرَ الشَّارِحُ الْخُرَشِيُّ: مِنْ خَمْسَةٍ إِلَى عَشَرَةٍ فِي الصُّبْحِ وَالظُّهْرِ وَالْعِشَاءِ، وَفِي الْعَصْرِ مِنْ ثَلَاثَةٍ إِلَى خَمْسَةٍ، وَفِي الْمَغْرِبِ وَاحِدٌ أَوْ جَمَاعَةٌ. إِلَخْ.

وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ قَالَ فِي الْمُغْنِي: فَصْلٌ، وَلَا يُسْتَحَبُّ الزِّيَادَةُ عَلَى مُؤَذِّنَيْنِ لِحَدِيثِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015