[19 \ 64] .

وَقَدْ جَاءَ أَيْضًا وَصْفُ كُلٍّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ بِالنِّسْيَانِ فِي الْجُمْلَةِ، فَفِي الْيَهُودِ يَقُولُ تَعَالَى: فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [5 \ 13] .

وَفِي النَّصَارَى يَقُولُ تَعَالَى: وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ [5 \ 14] .

وَفِي الْمُشْرِكِينَ يَقُولُ تَعَالَى: الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [7 \ 51] ، فَيَكُونُ التَّحْذِيرُ مُنَصَبًّا أَصَالَةً عَلَى الْمُنَافِقِينَ وَشَامِلًا مَعَهُمْ كُلَّ تِلْكَ الطَّوَائِفِ لِاشْتِرَاكِهِمْ جَمِيعًا فِي أَصْلِ النِّسْيَانِ.

أَمَّا النِّسْيَانُ هُنَا، فَهُوَ بِمَعْنَى التَّرْكِ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ [20 \ 126] .

فَذَكَرَ وَجْهَيْنِ، وَقَالَ: الْعَرَبُ تُطْلِقُ النِّسْيَانَ وَتُرِيدُ بِهِ التَّرْكَ وَلَوْ عَمْدًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى [20 \ 126] .

فَالْمُرَادُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ التُّرْكُ قَصْدًا.

وَكَقَوْلِهِ: فَالْيَوْمَ نَنْسَاهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ [7 \ 51] .

وَقَوْلِهِ: وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ الْآيَةَ [59 \ 19] ، انْتَهَى.

أَمَّا النِّسْيَانُ الَّذِي هُوَ ضِدُّ الذِّكْرِ، وَهُوَ التَّرْكُ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَلَيْسَ دَاخِلًا هُنَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَدْ أُعْفِيَتْ مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ عَلَيْهِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا الْآيَةَ [2 \ 286] .

وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: «قَدْ فَعَلْتُ، قَدْ فَعَلْتُ» أَيْ: عِنْدَمَا تَلَاهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015