[26 \ 176 - 179] .

فَكُلُّ نَبِيٍّ يَدْعُو قَوْمَهُ إِلَى التَّقْوَى كَمَا قَدَّمْنَا، ثُمَّ جَاءَ الْقُرْآنُ كُلُّهُ دَعْوَةً إِلَى التَّقْوَى وَهِدَايَةً لِلْمُتَّقِينَ، كَمَا فِي مَطْلَعِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ: الم ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ [2 \ 1 - 2] وَبَيَّنَ نَوْعَ هَذِهِ الْهِدَايَةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِمَعْنَى التَّقْوَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [2 \ 3 - 5] .

وَقَدْ بَيَّنَ الشَّيْخُ - رَحْمَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ - مَعْنَى التَّقْوَى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى [2 \ 189] .

قَالَ: لَمْ يُبَيِّنْ هُنَا مَنِ الْمُتَّقِي، وَقَدْ بَيَّنَهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ [2 \ 177] .

وَقَدْ بَيَّنَتْ آيَاتٌ عَدِيدَةٌ آثَارَ التَّقْوَى فِي الْعَاجِلِ وَالْآجِلِ.

مِنْهَا فِي الْعَاجِلِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [65 \ 4] ، وَقَوْلُهُ: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [65 \ 2 - 3] ، وَقَوْلُهُ: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ [2 \ 282] ، وَقَوْلُهُ: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [16 \ 128] .

أَمَّا فِي الْآجِلِ وَفِي الْآخِرَةِ، فَإِنَّهَا تَصْحَبُ صَاحِبَهَا ابْتِدَاءً إِلَى أَبْوَابِ الْجَنَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [39 \ 73] ، فَإِذَا مَا دَخَلُوهَا آخَتْ بَيْنَهُمْ وَجَدَّدَتْ رَوَابِطَهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَآنَسَتْهُمْ مِنْ كُلِّ خَوْفٍ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015