قَالُوا: وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [66 \ 4] ، وَلَهُمَا قَلْبَانِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ [4 \ 11] ، وَالْمُرَادُ بِالْإِخْوَةِ اثْنَانِ فَصَاعِدًا كَمَا عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَمَنْ بَعْدَهُمْ خِلَافًا لِابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَوْلُهُ: وَأَطْرَافَ النَّهَارِ [20 \ 130] ، وَلَهُ طَرَفَانِ. وَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنُّذُرِ مُوسَى وَهَارُونُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، لِأَنَّهُمَا عَرَضَا عَلَيْهِمْ مَا أَنْذَرَ بِهِ الْمُرْسَلُونَ. وَمِنْهَا أَنَّ النُّذُرَ مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْإِنْذَارِ.

قَالَ مُقَيِّدُهُ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ وَغَفَرَ لَهُ: التَّحْقِيقُ فِي الْجَوَابِ - أَنَّ مَنْ كَذَّبَ رَسُولًا وَاحِدًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ الْمُرْسَلِينَ، وَمَنْ كَذَّبَ نَذِيرًا وَاحِدًا فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَ النُّذُرِ، لِأَنَّ أَصْلَ دَعْوَةِ جَمِيعِ الرُّسُلِ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مَضْمُونُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ كَمَا أَوْضَحَهُ تَعَالَى بِقَوْلِهِ: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ [16 \ 36] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [21 \ 25] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [43 \ 45] .

وَأَوْضَحَ تَعَالَى أَنَّ مَنْ كَذَّبَ بَعْضَهُمْ فَقَدْ كَذَّبَ جَمِيعَهُمْ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا [4 \ 150] ،، وَأَشَارَ إِلَى ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [2 \ 285] ، وَقَوْلِهِ: لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [2 \ 136] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ الْآيَةَ [4 \ 152] .

وَقَدْ أَوْضَحَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ أَنَّ تَكْذِيبَ رَسُولٍ وَاحِدٍ تَكْذِيبٌ لِجَمِيعِ الرُّسُلِ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ [26 \ 105] ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ تَكْذِيبَهُمْ لِلْمُرْسَلِينَ إِنَّمَا وَقَعَ بِتَكْذِيبِهِمْ نُوحًا وَحْدَهُ، حَيْثُ أَفْرَدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ إِلَى قَوْلِهِ: قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ [26 \ 106 - 107] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ [26 \ 123] ، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ ذَلِكَ بِتَكْذِيبِ هُودٍ وَحْدَهُ، حَيْثُ أَفْرَدَهُ بِقَوْلِهِ: إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ [26 \ 124] ، وَنَحْوِ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015