وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ [75 \ 16 - 18] ، أَيْ إِذَا قَرَأَهُ عَلَيْكَ الْمَلَكُ الْمُرْسَلُ بِهِ إِلَيْكَ مِنَّا مُبَلِّغًا لَهُ عَنَّا فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، أَيِ اقْرَأْ كَمَا سَمِعْتَهُ يَقْرَأُ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الثَّانِي، وَهُوَ شِدَّةُ قُوَّةِ جِبْرِيلَ النَّازِلِ بِهَذَا الْوَحْيِ فَقَدْ ذَكَرَهُ فِي قَوْلِهِ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [81 \ 19 - 20] وَقَوْلِهِ فِي آيَةِ التَّكْوِيرِ هَذِهِ: لَقَوْلُ رَسُولٍ أَيْ لِقَوْلِهِ الْمُبَلَّغِ لَهُ عَنِ اللَّهِ، فَقَرِينَةُ ذِكْرِ الرَّسُولِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُبَلِّغُ شَيْئًا أُرْسِلَ بِهِ، فَالْكَلَامُ كَلَامُ اللَّهِ بِأَلْفَاظِهِ وَمَعَانِيهِ، وَجِبْرِيلُ مُبَلِّغٌ عَنِ اللَّهِ، وَبِهَذَا الِاعْتِبَارِ نُسِبَ الْقَوْلُ لَهُ. لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا سَمِعَهُ إِلَّا مِنْهُ، فَهُوَ الْقَوْلُ الَّذِي أَرْسَلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَأَمَرَهُ بِتَبْلِيغِهِ، كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ قَرِينَةُ ذِكْرِ الرَّسُولِ، وَسَيَأْتِي إِيضَاحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فِي سُورَةِ التَّكْوِيرِ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى.
قَدْ قَدَّمْنَا بَعْضَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ سُورَةِ الْإِسْرَاءِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ بِكَثْرَةٍ فِي سُورَةِ النَّحْلِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ الْآيَةَ [16 \ 57] ، وَفِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ الْمُبَارَكِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى.
بَيَّنَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ لَهُ الْآخِرَةَ وَالْأُولَى وَهِيَ الدُّنْيَا، وَبَيَّنَ هَذَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ كَقَوْلِهِ: إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى [92 \ 12] ، وَبَيَّنَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ أَنَّ لَهُ كُلَّ شَيْءٍ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ [27 \ 91] ، وَهَذَا مِنَ الْمَعْلُومِ مِنَ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: