وَالْكَفَرَةُ وَأَتْبَاعُهُمْ يَقُولُونَ: إِنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ.

وَلَا شَكَّ عِنْدَ كُلِّ عَاقِلٍ فِي صِدْقِ هَذِهِ السَّالِبَةِ وَكَذِبِ هَذِهِ الْمُوجَبَةِ.

وَقَدْ أَوْضَحْنَا فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [17 \ 9] وَجْهَ الْحِكْمَةِ فِي جَعْلِ الطَّلَاقِ بِيَدِ الرَّجُلِ وَتَفْضِيلِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى فِي الْمِيرَاثِ وَتَعَدُّدِ الزَّوْجَاتِ، وَكَوْنِ الْوَلَدِ يُنْسَبُ إِلَى الرَّجُلِ، وَذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [2 \ 228] ، وَبَيَّنَّا أَنَّ الْفَوَارِقَ الطَّبِيعِيَّةَ بَيْنَهُمَا كَوْنُ الذُّكُورَةِ شَرَفًا وَكَمَالًا وَقُوَّةً طَبِيعِيَّةً خُلُقِيَّةً، وَكَوْنُ الْأُنُوثَةِ بِعَكْسِ ذَلِكَ.

وَبَيَّنَّا أَنَّ الْعُقَلَاءَ جَمِيعًا مُطْبِقُونَ عَلَى الِاعْتِرَافِ بِذَلِكَ، وَأَنَّ مِنْ أَوْضَحِ الْأَدِلَّةِ الَّتِي بَيَّنَهَا الْقُرْآنُ عَلَى ذَلِكَ اتِّفَاقُ الْعُقَلَاءِ عَلَى أَنَّ الْأُنْثَى مِنْ حِينِ نَشْأَتِهَا تُحَلَّى بِأَنْوَاعِ الزِّينَةِ مِنْ حُلِيٍّ وَحُلَلٍ، وَذَلِكَ لِجَبْرِ النَّقْصِ الْجِبِلِّيِّ الْخَلْقِيِّ الَّذِي هُوَ الْأُنُوثَةُ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:

وَمَا الْحُلِيُّ إِلَّا زِينَةٌ مِنْ نَقِيصَةٍ ... يُتَمِّمُ مِنْ حُسْنٍ إِذَا الْحُسْنُ قَصَّرَا

وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْضَحَ هَذَا بِقَوْلِهِ: أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [43 \ 18] ، فَأَنْكَرَ عَلَى الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ مَعَ ادِّعَاءِ الْوَلَدِ لَهُ تَعَالَى جَعَلُوا لَهُ أَنْقَصَ الْوَلَدَيْنِ وَأَضْعَفَهُمَا خِلْقَةً وَجِبِلَّةً وَهُوَ الْأُنْثَى.

وَلِذَلِكَ نَشَأَتْ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ صِغَرِهَا، لِتَغْطِيَةِ النَّقْصِ الَّذِي هُوَ الْأُنُوثَةُ وَجَبْرِهِ بِالزِّينَةِ، فَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ.

لِأَنَّ الْأُنْثَى لِضَعْفِهَا الْخَلْقِيِّ الطَّبِيعِيِّ لَا تَقْدِرُ أَنْ تُبِينَ فِي الْخِصَامِ إِبَانَةَ الْفُحُولِ الذُّكُورِ، إِذَا اهْتُضِمَتْ وَظُلِمَتْ لِضَعْفِهَا الطَّبِيعِيِّ.

وَإِنْكَارُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْكُفَّارِ أَنَّهُمْ مَعَ ادِّعَائِهِمْ لَهُ الْوَلَدَ جَعَلُوا لَهُ أَنْقَصَ الْوَلَدَيْنِ وَأَضْعَفَهُمَا - كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: أَاصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [37 \ 153 - 154] ، وَقَوْلِهِ: أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا [17 \ 40] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ [39 \ 4] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ مَعْلُومَةٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015