وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى هَذَا فِي أَوَّلِ سُورَةِ فَاطِرٍ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ الْآيَةَ [35 \ 2] . وَفِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَلَا تَمْلِكُونَ لِي مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [46 \ 8] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ.
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّهُ أَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ. وَالسَّكِينَةُ تَشْمَلُ الطُّمَأْنِينَةَ وَالسُّكُونَ إِلَى الْحَقِّ وَالثَّبَاتَ وَالشَّجَاعَةَ عِنْدَ الْبَأْسِ.
وَقَدْ ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - إِنْزَالَهُ السَّكِينَةَ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي بَرَاءَةَ فِي قَوْلِهِ: ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ [9 \ 26] ، وَذَكَرَ إِنْزَالَ سَكِينَتِهِ عَلَى رَسُولِهِ فِي قَوْلِهِ فِي بَرَاءَةَ: إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ الْآيَةَ [9 \ 40] .
وَذَكَرَ إِنْزَالَهُ سَكِينَتَهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فِي قَوْلِهِ: فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ الْآيَةَ [48 \ 18] .
وَهَذِهِ الْآيَاتُ كُلُّهَا لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا مَوْضِعَ إِنْزَالِ السَّكِينَةِ، وَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ مَحَلَّ إِنْزَالِ السَّكِينَةِ هُوَ الْقُلُوبُ، وَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ الْآيَةَ [48 \ 4] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ.
مَا ذَكَرَهُ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ذَكَرَهُ فِي سُورَةِ التَّوْبَةِ، وَسُورَةِ الصَّفِّ، وَزَادَ فِيهِمَا أَنَّهُ فَاعِلٌ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَكْرَهُونَهُ، فَقَالَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [9 \ 33] ، [61 - 9] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.
قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ [5 \ 54] .