قَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ السَّبْعَةِ غَيْرَ حَمْزَةَ وَشُعْبَةَ عَنْ عَاصِمٍ إِلَى السَّلْمِ بِفَتْحِ السِّينِ.

وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَشُعْبَةُ «إِلَى السِّلْمِ» بِكَسْرِ السِّينِ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَلَا تَهِنُوا أَيْ لَا تَضْعُفُوا وَتَذِلُّوا، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [3 \ 146] .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ذَلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ [8 \ 18] ، أَيْ مُضَعِّفٌ كَيْدَهُمْ، وَقَوْلُ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي سُلْمَى:

وَأَخْلَفَتْكَ ابْنَةُ الْبَكْرِيِّ مَا وَعَدَتْ ... فَأَصْبَحَ الْحَبْلُ مِنْهَا وَاهِنًا خَلِقَا

وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ، أَيْ: فَلَا تَضْعُفُوا عَنْ قِتَالِ الْكَفَّارِ وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ أَيْ تَبْدَءُوا بِطَلَبِ السَّلْمِ أَيِ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّكُمْ أَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ، أَيِ الْأَقْهَرُونَ وَالْأَغْلَبُونَ لِأَعْدَائِكُمْ، وَلِأَنَّكُمْ تَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مِنَ النَّصْرِ وَالثَّوَابِ مَا لَا يَرْجُونَ.

وَهَذَا التَّفْسِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ هُوَ الصَّوَابُ.

وَتَدُلُّ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهُ وَاللَّهُ مَعَكُمْ لِأَنَّ مَنْ كَانَ اللَّهُ مَعَهُ هُوَ الْأَعْلَى وَهُوَ الْغَالِبُ وَهُوَ الْقَاهِرُ الْمَنْصُورُ الْمَوْعُودُ بِالثَّوَابِ، فَهُوَ جَدِيرٌ بِأَنْ لَا يَضْعُفَ عَنْ مُقَاوَمَةِ الْكَفَّارِ وَلَا يَبْدَؤُهُمْ بِطَلَبِ الصُّلْحِ وَالْمُهَادَنَةِ.

وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [37 \ 173] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [40 \ 51] ، وَقَوْلِهِ: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [30 \ 47] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى: قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ [9 \ 14] .

وَمِمَّا يُوَضِّحُ مَعْنَى آيَةِ الْقِتَالِ هَذِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ [4 \ 104] ; لِأَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ مِنَ النَّصْرِ الَّذِي وَعَدَكُمُ اللَّهُ بِهِ وَالْغَلَبَةِ وَجَزِيلِ الثَّوَابِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015