حَتَّى يَجِيءَ الْفَاطِمُ الْمُجَدِّدُ

دِينَ الْهُدَى لِأَنَّهُ مُجْتَهِدُ

وَمُرَادُهُ بِالْفَاطِمِيِّ الْمَهْدِيُّ الْمُنْتَظَرُ ; لِأَنَّهُ شَرِيفٌ.

وَقَوْلُهُ: حَتَّى يَجِيءَ، حَرْفُ غَايَةِ، وَالْمُغَيَّا بِهِ مَنْعُ تَقْلِيدِ أَحَدٍ غَيْرَ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْلِهِ: وَقَفْوُ غَيْرِهَا الْجَمِيعُ مَنَعَهْ.

وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُمْ حَاكِمُونَ عَلَى اللَّهِ الْقَدِيرِ الْعَلِيمِ، بِأَنَّهُ لَا يَخْلُقُ مُجْتَهِدًا قَبْلَ وُجُودِ الْمَهْدِيِّ الْمُنْتَظَرِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ هُوَ الْمُقَرَّرُ فِي كُتُبِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ مِنْ أَهْلِ الْمَذَاهِبِ الْمُدَوَّنَةِ.

وَهَذَا الْحُكْمُ عَلَى اللَّهِ الَّذِي كَلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ بِأَنَّهُ لَا يَخْلُقُ مُجْتَهِدًا قَبْلَ الْمَهْدِيِّ مِنْ مُدَّةِ انْقِرَاضِ الِاجْتِهَادِ الْمَزْعُومِ هُوَ يَا أَخِي كَمَا تَرَى.

وَلَا شَكَّ أَنَّكَ إِنْ لَمْ يُعْمِكَ التَّعَصُّبُ الْمَذْهَبِيُّ تَقْطَعُ أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُ مَرَاقِي السُّعُودِ قَدْ صَرَّحَ بِمَا يُنَاقِضُهُ فِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ:

وَالْأَرْضُ لَا عَنْ قَائِمٍ مُجْتَهِدِ ... تَخْلُو إِلَى تَزَلْزُلِ الْقَوَاعِدِ

وَهَذَا النَّقِيضُ الْأَخِيرُ هُوَ الصَّحِيحُ الْمُوَافِقِ لِلْحَقِّ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ قَالَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ» الْحَدِيثَ. وَهُوَ حَدِيثٌ مَشْهُورٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ لَا نِزَاعَ فِي صِحَّتِهِ.

وَلَا شَكَّ فِي أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ الَّتِي صَرَّحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهَا لَا تَزَالُ ظَاهِرَةً عَلَى الْحَقِّ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ أَنَّهَا طَائِفَةٌ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ، وَسُنَّةِ رَسُولِهِ، وَلَيْسَتِ الْبَتَّةَ مِنَ الْمُقَلِّدِينَ التَّقْلِيدَ الْأَعْمَى.

لِأَنَّ الْحَقَّ هُوَ مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ [4 \ 170] ، وَقَالَ فِي الْأَنْعَامِ: وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ [6 \ 66] ، وَقَالَ فِي النَّمْلِ: فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ [27 \ 79] ، وَقَالَ فِي يُونُسَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ [10 \ 108] ، وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ.

فَدَعْوَى أَنَّ الْأَرْضَ لَمْ يَبْقَ فِيهَا مُجْتَهِدٌ الْبَتَّةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَمِرٌّ إِلَى ظُهُورِ الْمَهْدِيِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015