عَلَى غَيْرِ الْجِلْدِ، وَالْجُمْهُورُ قَالُوا: نَفْسُ الْجِلْدِ لَا أَثَرَ لَهُ، بَلْ كُلُّ خُفٍّ صَفِيقٍ سَاتِرٍ لِمَحَلِّ الْفَرْضِ يُمْكِنُ فِيهِ تَتَابُعُ الْمَشْيِ، يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، جِلْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ.

مَسَائِلُ تَتَعَلَّقُ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

الْأُولَى: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ ; وَقَالَ الشِّيعَةُ وَالْخَوَارِجُ: لَا يَجُوزُ، وَحَكَى نَحْوَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُدَ، وَالتَّحْقِيقُ عَنْ مَالِكٍ، وَجُلِّ أَصْحَابِهِ، الْقَوْلُ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَرُوِيَ عَنْهُ جَوَازُهُ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا أَعْلَمُ أَحَدًا أَنْكَرَهُ إِلَّا مَالِكًا فِي رِوَايَةٍ أَنْكَرَهَا أَكْثَرُ أَصْحَابِهِ، وَالرِّوَايَاتُ الصَّحِيحَةُ عَنْهُ مُصَرِّحَةٌ بِإِثْبَاتِهِ، وَمُوَطَّأُهُ، يَشْهَدُ لِلْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَعَلَيْهِ جَمِيعُ أَصْحَابِهِ، وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: رِوَايَةُ الْإِنْكَارِ فِي «الْعُتْبِيَّةِ» وَظَاهِرُهَا الْمَنْعُ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهَا أَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ مِنَ الْمَسْحِ، قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: آخِرُ مَا فَارَقْتُ مَالِكًا عَلَى الْمَسْحِ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ ; وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ، فَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَنْ مَالِكٍ مِنْ جَوَازِهِ فِي السَّفَرِ دُونَ الْحَضَرِ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ مُتَوَاتِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ الزُّرْقَانِيُّ فِي شَرْحِ «الْمُوَطَّأِ» : وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ رُوَاتُهُ فَجَاوَزُوا الثَّمَانِينَ، مِنْهُمُ الْعَشَرَةُ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَغَيْرُهُ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، حَدَّثَنِي سَبْعُونَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِالْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ، اهـ.

وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ «الْمُهَذَّبِ» : وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي كِتَابِ «الْإِجْمَاعِ» ، إِجْمَاعَ الْعُلَمَاءِ عَلَى جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمُسْتَفِيضَةُ فِي مَسْحِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وَأَمَرَهُ بِذَلِكَ وَتَرْخِيصُهُ فِيهِ، وَاتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ، فَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَيْهِ. قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْبَيْهَقِيُّ: رُوِّينَا جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، وَأَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَعَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015