قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ، مِنْ أَوْجُهٍ فِي سُورَةِ يُونُسَ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ [10 \ 45] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ. قَدْ قَدَّمْنَا الْآيَاتِ الْمُوَضِّحَةَ لَهُ، فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ الْآيَةَ [21 \ 39] ، وَذَكَرْنَا طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ، فِي سُورَةِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا [17 \ 8] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَنْ يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ. مَا تَضَمَّنَتْهُ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ، مِنْ تَحْقِيقِ مَعْنَى لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، قَدْ قَدَّمْنَا إِيضَاحَهُ بِالْآيَاتِ الْقُرْآنِيَّةِ، فِي سُورَةِ الْفَاتِحَةِ، فِي الْكَلَامِ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ [1 \ 5] .
قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ. أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ، أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ، مَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْ وَحْيِ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ، وَمِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْقُرْآنِ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ الْآيَةَ [23 \ 68] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ [86 \ 13 - 14] . وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ: فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [39 \ 18] أَيْ: يُقَدِّمُونَ الْأَحْسَنَ، الَّذِي هُوَ أَشَدُّ حُسْنًا، عَلَى الْأَحْسَنِ الَّذِي هُوَ دُونَهُ فِي الْحُسْنِ، وَيُقَدِّمُونَ الْأَحْسَنَ مُطْلَقًا عَلَى الْحَسَنِ. وَيَدُلُّ لِهَذَا آيَاتٌ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ.
أَمَّا الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْأَحْسَنَ الْمُتَّبَعَ. مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْوَحْيِ، فَهُوَ فِي آيَاتٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [39 \ 55] وَقَوْلِهِ تَعَالَى لِمُوسَى يَأْمُرُهُ بِالْأَخْذِ بِأَحْسَنِ مَا فِي التَّوْرَاةِ: فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا [7 \ 145] .
وَأَمَّا كَوْنُ الْقُرْآنِ فِيهِ الْأَحْسَنُ وَالْحَسَنُ، فَقَدْ دَلَّتْ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ كِتَابِهِ.
وَاعْلَمْ أَوَّلًا أَنَّهُ لَا شَكَّ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ أَحْسَنُ مِنَ الْمَنْدُوبِ، وَأَنَّ الْمَنْدُوبَ أَحْسَنُ مِنْ